الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا﴾ أيْ: ولَكِنْ يَقُولُ لَهُمْ: كُونُوا، فَحَذَفَ القَوْلَ لِدَلالَةِ الكَلامِ عَلَيْهِ. فَأمّا الرَّبّانِيُّونَ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: هُمُ الَّذِينَ يُغَذُّونَ النّاسَ بِالحِكْمَةِ، ويُرَبُّونَهم عَلَيْها. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ: هُمُ الفُقَهاءُ المُعَلِّمُونَ. وقالَ قَتادَةُ وعَطاءٌ: هُمُ الفُقَهاءُ العُلَماءُ الحُكَماءُ. قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ: واحِدُهم رَبّانِيُّ، وهُمُ العُلَماءُ المُعَلِّمُونَ. وقالَ أبُو عُبَيْدٍ: أحْسَبُ الكَلِمَةَ لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ، إنَّما هي عِبْرانِيَّةٌ، أوْ سُرْيانِيَّةٌ، وذَلِكَ أنَّ أبا عُبَيْدَةَ زَعَمَ أنَّ العَرَبَ لا تَعْرِفُ الرَّبّانِيِّينَ. قالَ أبُو عُبَيْدٍ: وإنَّما عَرَفَها الفُقَهاءُ، وأهْلُ العِلْمِ، قالَ: وسَمِعْتُ رَجُلًا عالِمًا بِالكُتُبِ يَقُولُ: هُمُ العُلَماءُ بِالحَلالِ والحَرامِ، والأمْرِ والنَّهْيِ. وحَكى ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنْ بَعْضِ اللُّغَوِيِّينَ: الرَّبّانِيُّ: مَنسُوبٌ إلى الرَّبِّ، لِأنَّ العِلْمَ: مِمّا يُطاعُ اللَّهُ بِهِ، فَدَخَلَتِ الألِفُ والنُّونُ في النِّسْبَةِ لِلْمُبالَغَةِ، كَما قالُوا: رَجُلٌ لِحْيانِيٌّ: إذا بالَغُوا في وصْفِهِ بِكِبَرِ اللِّحْيَةِ. (p-٤١٤)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتابَ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ وأبُو عَمْرٍو: تَعْلَمُونَ، بِإسْكانِ العَيْنِ، ونَصْبِ اللّامِ. وقَرَأ عاصِمٌ، وابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: تُعَّلِمُونَ مُثَّقَلًا، وكُلُّهم قَرَؤُوا: "تَدْرُسُونَ" خَفِيفَةً. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو رَزِينٍ، وسَيُعِدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وأبُو حَيْوَةَ: تَدْرُسُونَ، بِضَمِّ التّاءِ مَعَ التَّشْدِيدِ. والدِّراسَةُ: القِرَآءَةُ. قالَ الزَّجّاجُ: ومَعْنى الكَلامِ: لِيَكُنْ هَدْيُكم ونِيَّتُكم في التَّعْلِيمِ هَدْيُ العُلَماءِ والحُكَماءِ، لِأنَّ العالِمَ إنَّما يَسْتَحِقُّ هَذا الِاسْمَ إذا عَمِلَ بِعِلْمِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب