الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا أحَسَّ عِيسى﴾ أيْ: عَلِمَ. قالَ شَيْخُنا أبُو مَنصُورٍ اللُّغَوِيُّ: يُقالُ: أحْسَسْتُ بِالشَّيْءِ، وحَسَسْتُ بِهِ، وقَوْلُ النّاسِ في المَعْلُوماتِ "مَحْسُوساتٌ" خَطَأٌ، إنَّما الصَّوابُ "المَحَسّاتُ" فَأمّا المَحْسُوساتُ، فَهي المَقْتُولاتُ، يُقالُ: حَسَّهُ: إذا قَتَلَهُ. والأنْصارُ: الأعْوانُ. و"إلى" بِمَعْنى "مَعَ" في قَوْلِ الجَماعَةِ، قالَ الزَّجّاجُ: وإنَّما حَسُنَتْ في مَوْضِعِ "مَعَ" لِأنَّ "إلى" غايَةٌ و"مَعَ" تَضُمُّ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: ويَجُوزُ أنْ (p-٣٩٤)يَكُونُ المَعْنى: مِن أنْصارِي إلى أنْ أُبَيِّنَ أمْرَ اللَّهِ. واخْتَلَفُوا في سَبَبِ اسْتِنْصارِهِ بِالحَوارِيِّينِ، فَقالَ مُجاهِدٌ: لَمّا كَفَرَ بِهِ قَوْمُهُ، وأرادُوا قَتْلَهُ، اسْتَنْصَرَ الحَوارِيِّينَ. وقالَ غَيْرُهُ: لَمّا كَفَرُوا بِهِ، وأخْرَجُوهُ مِن قَرْيَتِهِمْ، اسْتَنْصَرَ الحَوارِيِّينَ. وقِيلَ: اسْتَنْصَرَهم لِإقامَةِ الحَقِّ، وإظْهارِ الحُجَّةِ. والجُمْهُورُ عَلى تَشْدِيدِ "ياءٍ" الحَوارِيِّينَ. وقَرَأ الجَوْنِيُّ، والجَحْدَرِيُّ، وأبُو حَيْوَةَ: الحَوارِيُّونَ بِتَخْفِيفِ الياءِ. وفي مَعْنى الحَوارِيِّينَ سِتَّةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُمُ الخَواصُّ الأصْفِياءُ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: الحَوارِيُّونَ: أصْفِياءُ عِيسى. وقالَ الفَرّاءُ: كانُوا خاصَّةً عِيسى. وقالَ الزَّجّاجُ: الحَوارِيُّونَ في اللُّغَةِ: الَّذِينَ أخْلَصُوا، ونُقُّوا مِن كُلِّ عَيْبٍ، وكَذَلِكَ الدَّقِيقُ: الحَوارِيُّ، إنَّما سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأنَّهُ يُنَقّى مَن لُبابِ البِرِّ وخالِصِهِ. قالَ حُذّاقُ اللُّغَوِيِّينَ: الحَوارِيُّونَ: صَفْوَةُ الأنْبِياءِ الَّذِينَ خَلَصُوا وأخْلَصُوا في تَصْدِيقِهِمْ ونُصْرَتِهِمْ. ويُقالُ: عَيْنٌ حَوْراءُ: إذا اشْتَدَّ بَياضُها. وخَلَصَ، واشْتَدَّ سَوادُها، ولا يُقالُ: امْرَأةٌ حَوْراءُ، إلّا أنْ تَكُونَ مَعَ حَوَرِ عَيْنِها بَيْضاءُ. والثّانِي: أنَّهُمُ البِيضُ الثِّيابِ، رَوى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهم سُمُّوا بِذَلِكَ، لِبَياضِ ثِيابِهِمْ. والثّالِثُ: أنَّهُمُ القَصّارُونَ، سُمُّوا بِذَلِكَ، لِأنَّهم كانُوا يُحَوِّرُونَ الثِّيابَ، أيْ: يُبَيِّضُونَها. قالَ الضَّحّاكُ، ومُقاتِلٌ: الحَوارِيُّونَ: هُمُ القَصّارُونَ. قالَ اليَزِيدِيُّ: ويُقالُ: لِلْقَصّارِينَ: الحَوارِيُّونَ، لِأنَّهم يُبَيِّضُونَ الثِّيابَ، ومِنهُ سُمِّيَ الدَّقِيقُ: الحُوّارى، والعَيْنُ الحَوْراءُ: النَّقِيَّةُ المَحاجِرِ. والرّابِعُ: الحَوارِيُّونَ: المُجاهِدُونَ. وَأنْشَدُوا: ؎ ونَحْنُ أُناسٌ يَمْلَأُ البَيْضُ هامَنا ونَحْنُ حَوارِيُّونَ حِينَ نُزاحِفُ (p-٣٩٥)؎ جَماجِمُنا يَوْمَ اللِّقاءِ تُراسُنا ∗∗∗ إلى المَوْتِ نَمْشِي لَيْسَ فِينا تَحانُفُ والخامِسُ: الحَوارِيُّونَ: الصَّيّادُونَ. والسّادِسُ: الحَوارِيُّونَ: المُلُوكُ، حَكى هَذِهِ الأقْوالَ الثَّلاثَةَ ابْنُ الأنْبارِيِّ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: وعَدَدُ الحَوارِيِّينَ اثْنا عَشَرَ رَجُلًا. وفي صِناعَتِهِمْ قَوْلانِ. أحَدُهُما، أنَّهم كانُوا يَصْطادُونَ السَّمَكَ، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهم كانُوا يَغْسِلُونَ الثِّيابَ، قالَهُ الضَّحّاكُ، وأبُو أرْطَأةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب