الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِن بَعْضٍ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: نَصْبُها عَلى البَدَلِ، والمَعْنى: اصْطَفى ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِن بَعْضٍ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وإنَّما قالَ: بَعْضُها، لِأنَّ لَفْظَ الذَّرِّيَّةِ مُؤَنَّثٌ، ولَوْ قالَ: بَعْضُهم، ذَهَبَ إلى مَعْنى الذُّرِّيَّةِ. وفي مَعْنى هَذِهِ البَعْضِيَّةِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنْ بَعْضَهم مِن بَعْضٍ في التَّناصُرِ والدِّينِ، لا في التَّناسُلِ، وهو مَعْنى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ. والثّانِي: أنَّهُ في التَّسَلْسُلِ، لِأنَّ جَمِيعَهم ذُرِّيَّةُ آَدَمَ، ثُمَّ ذُرِّيَّةُ نُوحٍ، ثُمَّ ذُرِّيَّةُ إبْراهِيمَ، ذَكَرَهُ بَعْضُ أهْلِ التَّفْسِيرِ. قالَ أبُو بَكْرٍ النَّقّاشُ: ومَعْنى قَوْلِهِ: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِن بَعْضٍ﴾ أنَّ الأبْناءَ ذُرِّيَّةٌ لِلْآَباءِ، والآَباءُ ذُرِّيَّةٌ لِلْأبْناءِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهم في الفُلْكِ المَشْحُونِ﴾ [ يس: ٤١ ]، فَجَعَلَ الآَباءَ ذُرِّيَّةً لِلْأبْناءِ، وإنَّما جازَ ذَلِكَ، لِأنَّ الذُّرِّيَّةَ مَأْخُوذَةٌ مِن: ذَرَأ اللَّهُ الخَلْقَ، فَسُمِّيَ الوَلَدُ لِلْوالِدِ ذُرِّيَّةً، لِأنَّهُ ذَرِئَ مِنهُ، وكَذَلِكَ يَجُوزُ أنْ يُقالَ لِلْأبِ: ذُرِّيَّةٌ لِلِابْنِ، لِأنَّ ابْنَهُ ذُرِئَ مِنهُ، فالفِعْلُ يَتَّصِلُ بِهِ مِنَ الوَجْهَيْنِ، ومِثْلُهُ: ﴿يُحِبُّونَهم كَحُبِّ اللَّهِ﴾ [ البَقَرَةِ: ١٦٥ ] فَأضافَ الحُبَّ إلى اللَّهِ، والمَعْنى: كَحَبِّ المُؤْمِنِ لِلَّهِ، ومِثْلُهُ ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ﴾ [ الدَّهْرِ: ٨ ]، فَأضافَ الحُبَّ لِلطَّعامِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب