قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنَّ مِن أهْلِ الكِتابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ اخْتَلَفُوا فِيمَن نَزَلَتْ عَلى أرْبَعَةِ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في النَّجاشِيِّ، لِأنَّهُ لَمّا ماتَ صَلّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ، فَقالَ قائِلٌ: يُصَلِّي عَلى هَذا العِلْجِ النَّصْرانِيِّ، وهو في أرْضِهِ؟! فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، هَذا قَوْلُ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وابْنِ عَبّاسٍ، وأنَسٍ. وقالَ الحَسَنُ، وقَتادَةُ: فِيهِ وفي أصْحابِهِ.
(p-٥٣٣). والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في مُؤْمِنِي أهْلِ الكِتابِ مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى، رَوى هَذا المَعْنى أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ.
والثّالِثُ: في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وأصْحابِهِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وابْنُ زَيْدٍ، ومُقاتِلٌ.
والرّابِعُ: في أرْبَعِينَ مِن أهْلِ نَجْرانَ، وثَلاثِينَ مِنَ الحَبَشَةِ، وثَمانِيَةً مِنَ الرُّومِ كانُوا عَلى دِينِ عِيسى، فَآَمَنُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ، قالَهُ عَطاءٌ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أُنْزِلَ إلَيْكُمْ﴾ يَعْنِي: القُرْآَنَ، ﴿وَما أُنْزِلَ إلَيْهِمْ﴾ يَعْنِي: كِتابُهم.
والخاشِعُ: الذَّلِيلُ. ﴿لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ أيْ: عَرَضًا مِنَ الدُّنْيا كَما فَعَلَ رُؤَساءُ اليَهُودِ، وقَدْ سَلَفَ بَيانُ سُرْعَةِ الحِسابِ.
{"ayah":"وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَمَن یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُمۡ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِمۡ خَـٰشِعِینَ لِلَّهِ لَا یَشۡتَرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنࣰا قَلِیلًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ"}