الباحث القرآني

(p-٥٠٣)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ﴾ في سَبَبِ نُزُولِها قَوْلانِ. أحَدُهُما: «أنَّ المُشْرِكِينَ لَمّا انْصَرَفُوا يَوْمَ أُحُدٍ، نَدَبَ النَّبِيُّ ﷺ أصْحابَهُ لِاتِّباعِهِمْ، ثُمَّ خَرَجَ بِمَنِ انْتَدَبَ مَعَهُ، فَلَقِيَ أبُو سُفْيانَ قَوْمًا، فَقالَ: إنْ لَقِيتُمْ مُحَمَّدًا، فَأخْبِرُوهُ أنِّي في جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَلَقِيَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ فَسَألَهم عَنْهُ؟ فَقالُوا: لَقِيناهُ في جَمْعٍ كَثِيرٍ، ونَراكَ في قِلَّةٍ، فَأبى إلّا أنْ يَطْلُبَهُ، فَسَبَقَهُ أبُو سُفْيانَ، فَدَخَلَ مَكَّةَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ،» هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، والجُمْهُورِ. والثّانِي: «أنَّ أبا سُفْيانَ لَمّا أرادَ الِانْصِرافَ عَنْ أُحُدٍ، قالَ: يا مُحَمَّدُ، مَوْعِدٌ بَيْنَنا وبَيْنَكَ مَوْسِمُ بَدْرٍ، فَلَمّا كانَ العامُ المُقْبِلُ، خَرَجَ أبُو سُفْيانَ، ثُمَّ ألْقى اللَّهُ في قَلْبِهِ الرُّعْبَ، فَبَدا لَهُ الرُّجُوعُ، فَلَفِي نَعِيمَ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقالَ: إنِّي قَدْ واعَدْتُ مُحَمَّدًا وأصْحابَهُ أنْ نَلْتَقِيَ بِمَوْسِمِ بَدْرٍ الصُّغْرى، وهَذا عامُ جَدْبٍ، لا يَصْلُحُ لَنا، فَثَبَّطَهم عَنّا، وأعْلَمَهم أنّا في جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَلَقِيَهم فَخَوَّفَهم، فَقالُوا: حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ، وخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ بِأصْحابِهِ، حَتّى أقامُوا بِبَدْرٍ يَنْتَظِرُونَ أبا سُفْيانَ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ﴾ الآَياتُ.» وهَذا المَعْنى مَرْوِيٌّ عَنْ مُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ. والِاسْتِجابَةُ: الإجابَةُ. وأنْشَدُوا:(p-٥٠٤) ؎ فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذاكَ مُجِيبٌ أيْ: فَلَمْ يُجِبْهُ. وَفِي المُرادِ النَّبِيُّ ﷺ وخُرُوجُهُ ونَدْبُ النّاسِ لِلْخُرُوجِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: لِيُرْهِبَ العَدُوَّ بِاتِّباعِهِمْ. والثّانِي: لِمَوْعِدِ أبِي سُفْيانَ. والثّالِثُ: لِأنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ القَوْمِ أنَّهم قالُوا: أصَبْتُمْ شَوْكَتَهم، ثُمَّ تَرَكْتُمُوهم. وقَدْ سَبَقَ الكَلامُ في القَرْحِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا مِنهُمْ﴾ أيْ: أحْسَنُوا بِطاعَةِ الرَّسُولِ، واتَّقُوا مُخالَفَتَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب