الباحث القرآني

(p-٥٠٢)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَرِحِينَ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الفَرَحُ: المَسَرَّةُ، فَأمّا الَّذِي آَتاهُمُ اللَّهُ، فَما نالُوا مِن كَرامَةِ اللَّهِ ورِزْقِهِ، والِاسْتِبْشارُ: السُّرُورُ بِالبِشارَةِ، ﴿بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِن خَلْفِهِمْ﴾ إخْوانُهم مِنَ المُسْلِمِينَ. وفي سَبَبِ اسْتِبْشارِهِمْ بِهِمْ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّ اللَّهَ تَعالى ما أخْبَرَ بِكَرامَةِ الشُّهَداءِ، أخْبَرَ الشُّهَداءَ بِأنِّي قَدْ أُنْزِلْتُ عَلى نَبِيِّكم، وأخْبَرْتُهُ بِأمْرِكم، فاسْتَبْشَرُوا، وعَلِمُوا أنَّ إخْوانَهم سَيَحْرِصُونَ عَلى الشَّهادَةِ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. والثّانِي: يَسْتَبْشِرُونَ بِإخْوانِهِمُ الَّذِينَ يَرْجُونَ لَهُمُ الشَّهادَةَ، يَقُولُونَ: إنْ قُتِلُوا نالُوا ما نِلْنا مِنَ الفَضْلِ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّالِثُ: أنَّ الشَّهِيدَ يُؤْتى بِكِتابٍ فِيهِ ذِكْرُ مَن تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِن إخْوانِهِ وأهْلِهِ، وفِيهِ يُقَدَّمُ عَلَيْكَ فُلانٌ يَوْمَ كَذا وكَذا، فَيَسْتَبْشِرُ بِقُدُومِهِ، كَما يَسْتَبْشِرُ أهْلُ الغائِبِ، بِهِ هَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ. و"الهاءُ" و"المِيمُ" في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ تَعُودُ إلى الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ. قالَ الفَرّاءُ: مَعْناهُ: يَسْتَبْشِرُونَ لَهم بِأنَّهم لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، ولا حُزْنٌ. وفي ماذا يَرْتَفِعُ "الخَوْفُ" و"الحُزْنُ" عَنْهُمْ؟ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيمَن خَلَّفُوهُ مِن ذُرِّيَّتِهِمْ، ولا يَحْزَنُونَ عَلى ما خَلَّفُوا مِن أمْوالِهِمْ. والثّانِي: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيما يُقَدِّمُونَ عَلَيْهِ، ولا يَحْزَنُونَ عَلى مُفارَقَةِ الدُّنْيا فَرَحًا بِالآَخِرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب