الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أصابَكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ الجَمْعانُ: النَّبِيُّ وأصْحابُهُ، وأبُو سُفْيانَ وأصْحابُهُ، وذَلِكَ في يَوْمِ أُحُدٍ، وقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ ما أصابَهم. (p-٤٩٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَبِإذْنِ اللَّهِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أمْرُهُ، والثّانِي: قَضاؤُهُ رُوِيا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والثّالِثُ: عَلْمُهُ، قالَهُ الزَّجّاجُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ المُؤْمِنِينَ﴾ أيْ: لِيَظْهَرَ إيمانُ المُؤْمِنِينَ بِثُبُوتِهِمْ عَلى ما نالَهم، ويَظْهَرَ نِفاقُ المُنافِقِينَ بِفَشَلِهِمْ وقِلَّةِ صَبْرِهِمْ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والنِّفاقُ مَأْخُوذٌ مِن نافِقاءِ اليَرْبُوعِ، وهو جِحَرَ مِن جِحَرَتِهِ يَخْرُجُ مِنهُ إذا أخَذَ عَلَيْهِ الجُحْرُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ. قالَ الزِّيادَيُّ عَنِ الأصْمَعِيِّ: ولِلْيَرْبُوعِ أرْبَعَةُ أجْحِرَةٍ، النّافِقاءُ: وهو الَّذِي يَخْرُجُ مِنهُ كَثِيرًا، ويَدْخُلُ مِنهُ كَثِيرًا. والقاصِعاءُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأنَّهُ يُخْرِجُ تُرابَ الجُحْرِ، ثُمَّ يَقْصَعُ بِبَعْضِهِ كَأنَّهُ يَسُدُّ بِهِ فَمَ الجُحْرِ، ومِنهُ يُقالُ: جُرِحَ فُلانٌ قَدْ قَصَعَ بِالدَّمِ: إذا امْتَلَأ ولَمْ يَسِلْ. والدّامّاءُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأنَّهُ يُخْرِجُ التُّرابَ مِن فَمِ الجُحْرِ، ثُمَّ يَدُمُّ بِهِ فَمَ الجُحْرِ، كَأنَّهُ يَطْلِيهِ بِهِ، ومِنهُ يُقالُ: أدْمِمْ قَدْرَكَ بِشَحْمٍ، أيِ: اطْلِها بِهِ. والرّاهِطاءُ، ولَمْ يَذْكُرِ اشْتِقاقَهُ، وإنَّما يَتَّخِذُ هَذِهِ الجُحْرَ عَدَدًا، فَإذا أخَذَ عَلَيْهِ بَعْضَها، خَرَجَ مِن بَعْضٍ. قالَ أبُو زَيْدٍ: فَشُبِّهَ المُنافِقُ بِهِ، لِأنَّهُ يَدْخُلُ في الإسْلامِ بِلَفْظِهِ، ويَخْرُجُ مِنهُ بِعُقْدَةٍ، كَما يَدْخُلُ اليَرْبُوعُ مِن بابٍ ويَخْرُجُ مِن بابٍ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والنِّفاقُ: لَفْظٌ إسْلامِيٌّ لَمْ تَكُنِ العَرَبُ تَعْرِفُهُ قَبْلَ الإسْلامِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: والمُرادُ بِالَّذِينِ نافَقُوا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وأصْحابُهُ. قالَ مُوسى بْنُ عُقْبَةَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ، ومَعَهُ المُسْلِمُونَ، وهم ألْفُ رَجُلٍ، والمُشْرِكُونَ ثَلاثَةُ آَلافٍ، فَرَجَعَ عَنْهُ ابْنُ أُبَيٍّ في ثَلاثِمِائَةٍ.» فَأمّا القِتالُ، فَمُباشَرَةُ الحَرْبِ. وفي المُرادِ بِالدَّفْعِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ التَّكْثِيرُ بِالعَدَدِ. رَواهُ مُجاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وهو قَوْلُ الحَسَنِ، وعِكْرِمَةَ، والضَّحّاكِ، والسُّدِّيِّ، وابْنِ جُرَيْجٍ في آَخَرِينَ. (p-٤٩٨). والثّانِي: أنَّ مَعْناهُ ادْفَعُوا عَنْ أنْفُسِكم وحَرِيمِكم، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وهو قَوْلُ مُقاتِلٍ. والثّالِثُ: أنَّهُ بِمَعْنى القِتالِ أيْضًا. قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. قَوْلُهُ تَعالى: (لَوْ ﴿نَعْلَمُ قِتالا)﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّ مَعْناهُ: لَوْ نَعْلَمُ أنَّ اليَوْمَ يَجْرِي قِتالٌ ما أسْلَمْناكم، ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحاقَ. والثّانِي: لَوْ كُنّا نُحْسِنُ القِتالَ لاتَّبَعْناكم. والثّالِثُ: إنَّما مَعْناهُ: أنَّ هُناكَ قَتْلًا ولَيْسَ بِقِتالٍ، ذَكَرَهُما الماوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هم لِلْكُفْرِ﴾ أيْ: إلى الكُفْرِ ﴿أقْرَبُ مِنهم لِلإيمانِ﴾ أيْ: إلى الإيمانِ، وإنَّما قالَ: يَوْمَئِذٍ، لِأنَّهم فِيما قَبْلُ لَمْ يَظْهَرُوا مِثْلَ ما أظْهَرُوا، فَكانُوا بِظاهِرِ حالِهِمْ فِيما قَبْلُ أقْرَبُ إلى الإيمانِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَقُولُونَ بِأفْواهِهِمْ ما لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ ذَكَرَهُما الماوَرْدِيُّ. أحَدُهُما: يَنْطِقُونَ بِالإيمانِ، ولَيْسَ في قُلُوبِهِمْ إلّا الكُفْرُ. والثّانِي: يَقُولُونَ: نَحْنُ أنْصارٌ، وهم أعْداءٌ. وذَكَرَ في الَّذِي يَكْتُمُونَ وجْهَيْنِ. أحَدُهُما: أنَّهُ النِّفاقُ. والثّانِي: العَداوَةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب