الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنكم أُمَّةٌ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى الكَلامِ: ولِتَكُونُوا كُلُّكم أُمَّةً تَدْعُونَ إلى الخَيْرِ، وتَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ، ولَكِنَّ "مِن" هاهُنا تَدْخُلُ لِتَخُضَّ المُخاطَبِينَ مِن سائِرِ الأجْناسِ، وهي مُؤَكِّدَةٌ أنَّ الأمْرَ لِلْمُخاطَبِينَ، ومِثْلُهُ: ﴿فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثانِ﴾ [ الحَجِّ: ٢٠ ] مَعْناهُ: اجْتَنِبُوا الأوْثانَ، فَإنَّها رِجْسٌ. ومِثْلُهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ أخُو رَغائِبَ يُعْطِيها ويَسْألُها يَأْبى الظُّلامَةَ مِنهُ النَّوْفَلُ الزَّفْرُ وَهُوَ النَّوْفَلُ الزَّفْرُ، لِأنَّهُ وصَفَهُ بِإعْطاءِ الرَّغائِبِ. والنَّوْفَلُ: الكَثِيرُ الإعْطاءِ لِلنَّوافِلِ، والزَّفْرُ: الَّذِي يَحْمِلُ الأثْقالَ. ويَدُلُّ عَلى أنَّ الكُلَّ أمَرُوا بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ﴾ قالَ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ أمَرَ مِنهم فِرْقَةً، لِأنَّ الدُّعاةَ يَنْبَغِي أنْ يَكُونُوا عُلَماءَ بِما يَدْعُونَ (p-٤٣٥)إلَيْهِ، ولَيْسَ الخَلْقُ كُلُّهم عُلَماءَ، والعِلْمُ يَنُوبُ بَعْضُ النّاسِ فِيهِ عَنْ بَعْضٍ، كالجِهادِ. فَأمّا الخَيْرُ، فَفِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ الإسْلامُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّانِي: العَمَلُ بِطاعَةِ اللَّهِ. قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ. وأمّا المَعْرُوفُ، فَهو ما يَعْرِفُ كُلُّ عاقِلٍ صَوابَهُ، وضِدُّهُ المُنْكَرُ، وقِيلَ: المَعْرُوفُ هاهُنا: طاعَةُ اللَّهِ، والمُنْكَرُ: مَعْصِيَتُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب