الباحث القرآني

(p-٢٨١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وعاصِمٌ، وابْنُ عامِرٍ: " يا عِبادِيَ " بِتَحْرِيكِ الياءِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: بِإسْكانِها. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ أرْضِي واسِعَةٌ﴾ وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحْدَهُ: " أرْضِيَ " بِفَتْحِ الياءِ. وفِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ خِطابٌ لِمَن [آمَنَ] مِن أهْلِ مَكَّةَ، قِيلَ لَهُمْ: " إنَّ أرْضِي " يَعْنِي المَدِينَةَ " واسِعَةٌ "، فَلا تُجاوِرُوا الظَّلَمَةَ في أرْضِ مَكَّةَ، قالَهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ؛ وكَذَلِكَ قالَ مُقاتِلٌ: نَزَلَتْ في ضُعَفاءِ مُسْلِمِي مَكَّةَ، [أيْ]: إنْ كُنْتُمْ في ضِيقٍ بِمَكَّةَ مِن إظْهارِ الإيمانِ، فَأرْضُ المَدِينَةِ واسِعَةٌ. والثّانِي: أنَّ المَعْنى: إذا عُمِلَ بِالمَعاصِي في أرْضٍ فاخْرُجُوا مِنها، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ عَطاءٌ. والثّالِثُ: إنَّ رِزْقِي لَكم واسِعٌ، قالَهُ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإيّايَ فاعْبُدُونِ﴾ أثْبَتَ فِيها الياءَ يَعْقُوبُ في الحالَيْنِ، وحَذَفَها الباقُونَ. قالَ الزَّجّاجُ: أمَرَهم بِالهِجْرَةِ مِنَ المَوْضِعِ الَّذِي لا يُمْكِنُهم فِيهِ عِبادَةُ اللَّهِ إلى حَيْثُ تَتَهَيَّأُ لَهُمُ العِبادَةُ؛ ثُمَّ خَوَّفَهم بِالمَوْتِ لِتَهُونَ عَلَيْهِمُ الهِجْرَةُ، فَقالَ: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ﴾ المَعْنى: فَلا تُقِيمُوا في دارِ الشِّرْكِ خَوْفًا مِنَ المَوْتِ ﴿ثُمَّ (p-٢٨٢)إلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ بَعْدَ المَوْتِ فَنَجْزِيكم بِأعْمالِكُمْ، والأكْثَرُونَ قَرَؤُوا: " تُرْجَعُونَ " بِالتّاءِ عَلى الخِطابِ؛ وقَرَأ أبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ بِالياءِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾ [قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وعاصِمٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: " لَنُبَوِّئَنَّهم " بِالباءِ] أيْ: لَنُنْزِلَنَّهم. وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، [وَخَلَفٌ]: " لَنُثْوِيَنَّهم " بِالثّاءِ، [وَهُوَ] مِن: ثَوَيْتُ بِالمَكانِ: إذا أقَمْتَ بِهِ قالَ الزَّجّاجُ: [يُقالُ]: ثَوى الرَّجُلُ: إذا أقامَ، وأثْوَيْتُهُ: إذا أنْزَلْتُهُ مَنزِلًا يُقِيمُ فِيهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكَأيِّنْ مِن دابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَها﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: «لَمّا أمَرَهم رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالخُرُوجِ إلى المَدِينَةِ، قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، نَخْرُجُ إلى المَدِينَةِ ولَيْسَ لَنا بِها عَقارٌ ولا مالٌ؟! فَمَن يُؤْوِينا ويُطْعِمُنا؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.» قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ومَعْنى الآيَةِ: كَمْ مِن دابَّةٍ لا تَرْفَعُ شَيْئًا لِغَدٍ، قالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَيْسَ يَخْبَأُ إلّا الإنْسانُ والفَأْرَةُ والنَّمْلَةُ. (p-٢٨٣)قالَ المُفَسِّرُونَ: وقَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ يَرْزُقُها﴾ أيْ: حَيْثُما تَوَجَّهَتْ ﴿وَإيّاكُمْ﴾ أيْ: ويُرْزَقُكم إنْ هاجَرْتُمْ إلى المَدِينَةِ ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ﴾ لِقَوْلِكُمْ: لا نَجِدُ ما نُنْفِقُ بِالمَدِينَةِ ﴿العَلِيمُ﴾ بِما في قُلُوبِكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب