الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ﴾ أيْ: صَدَّقَ بِإبْراهِيمَ ﴿وَقالَ﴾ يَعْنِي إبْراهِيمُ ﴿إنِّي مُهاجِرٌ إلى رَبِّي﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: إلى رِضى رَبِّي. والثّانِي: إلى حَيْثُ أمَرَنِي رَبِّي، فَهاجَرَ مِن سَوادِ العِراقِ إلى الشّامِ وهَجَرَ قَوْمَهُ المُشْرِكِينَ. ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ﴾ بَعْدَ إسْماعِيلَ ﴿وَيَعْقُوبَ﴾ مِن إسْحاقَ ﴿وَجَعَلْنا في ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ والكِتابَ﴾ وذَلِكَ أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا بَعْدَ إبْراهِيمَ إلّا مِن صُلْبِهِ ﴿وَآتَيْناهُ أجْرَهُ في الدُّنْيا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: الذِّكْرُ الحَسَنُ، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: الثَّناءُ الحَسَنُ والوَلَدُ الصّالِحُ، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: العافِيَةُ والعَمَلُ الحَسَنُ والثَّناءُ، فَلَسْتَ تَلْقى أحَدًا مِن أهْلِ المِلَلِ إلّا يَتَوَلّاهُ، قالَهُ قَتادَةُ، والرّابِعُ: أنَّهُ أُرِيَ مَكانَهُ مِنَ الجَنَّةِ، قالَهُ السُّدِّيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنَّهُ في الآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ﴾ قَدْ سَبَقَ بَيانُهُ [البَقَرَةِ: ١٣٠] . قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: لَهُ هُناكَ جَزاءُ الصّالِحِينَ غَيْرَ مَنقُوصٍ مِنَ الآخِرَةِ بِما أُعْطِيَ في الدُّنْيا مِنَ الأجْرِ. وما بَعْدَ هَذا قَدْ سَبَقَ بَيانُهُ [الأعْرافِ: ٨٠] إلى قَوْلِهِ: ﴿وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ﴾ وفِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهم كانُوا يَعْتَرِضُونَ مَن مَرَّ بِهِمْ لِعَمَلِهِمُ الخَبِيثِ، قالَهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهم كانُوا إذا جَلَسُوا في مَجالِسِهِمْ يَرْمُونَ ابْنَ السَّبِيلِ بِالحِجارَةِ، فَيَقْطَعُونَ سَبِيلَ المُسافِرِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّالِثُ: أنَّهُ قَطْعُ النَّسْلِ لِلْعُدُولِ عَنِ النِّساءِ إلى الرِّجالِ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ. (p-٢٦٩)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَتَأْتُونَ في نادِيكُمُ المُنْكَرَ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: النّادِي: المَجْلِسُ، والمُنْكَرُ يَجْمَعُ الفَواحِشَ مِنَ القَوْلِ والفِعْلِ. وَلِلْمُفَسِّرِينَ في المُرادِ بِهَذا المُنْكَرِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهم كانُوا يَحْذِفُونَ أهْلَ الطَّرِيقِ ويَسْخَرُونَ مِنهُمْ، فَذَلِكَ المُنْكَرُ، رَوَتْهُ أمُّ هانِئٍ بِنْتُ أبِي طالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . وقالَ عِكْرِمَةُ، والسُّدِّيُّ: كانُوا يَحْذِفُونَ كُلَّ مَن مَرَّ بِهِمْ. والثّانِي: لَفُّ القَمِيصِ عَلى اليَدِ، وجَرُّ الإزارِ، وحَلُّ الأزْرارِ، والحَذْفُ والرَّمْيُ بِالبُنْدُقِ، ولِعْبُ الحَمامِ، والصَّفِيرُ، في خِصالٍ أُخَرَ رَواها مَيْمُونُ بْنُ مِهْرانَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: أنَّهُ الضُّراطُ، رَواهُ عُرْوَةُ عَنْ عائِشَةَ، وكَذَلِكَ فَسَّرَهُ القاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ. والرّابِعُ: أنَّهُ إتْيانُ الرِّجالِ في مَجالِسِهِمْ، قالَهُ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ وابْنُ زَيْدٍ. (p-٢٧٠)وَهَذِهِ الآيَةُ [تَدُلُّ] عَلى أنَّهُ لا يَنْبَغِي لِلْمُجْتَمِعِينَ أنْ يَتَعاشَرُوا إلّا عَلى ما يُقَرِّبُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، ولا يَنْبَغِي أنْ يَجْتَمِعُوا عَلى الهُزْءِ واللَّعِبِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي﴾ أيْ: بِتَصْدِيقِ قَوْلِي في العَذابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب