الباحث القرآني

﴿أوَلَمْ يَرَوْا﴾ [قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: (p-٢٦٥)" يَرَوْا " ] بِالياءِ وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: بِالتّاءِ. [وَعَنْ عاصِمٍ كالقِراءَتَيْنِ] . وعَنى بِالكَلامِ كُفّارَ مَكَّةَ ﴿كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الخَلْقَ﴾ أيْ:كَيْفَ يَخْلُقُهُمُ ابْتِداءً مِن نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ، ثُمَّ مِن مُضْغَةٍ إلى أنْ يَتِمَّ الخَلْقُ ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ أيْ: ثُمَّ هو يُعِيدُهُ في الآخِرَةِ عِنْدَ البَعْثِ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: مَجازُهُ: أوْلَمَ يَرَوْا كَيْفَ اسْتَأْنَفَ اللَّهُ الخَلْقَ الأوَّلَ ثُمَّ يُعِيدُهُ. وفِيهِ لُغَتانِ: أبْدَأ وأعادَ، وكانَ مُبْدِئًا ومُعِيدًا، وبَدَأ وعادَ، وكانَ بادِئًا وعائِدًا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ ذَلِكَ عَلى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ يَعْنِي الخَلْقَ الأوَّلَ والخَلْقَ الثّانِيَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا في الأرْضِ﴾ أيِ: انْظُرُوا إلى المَخْلُوقاتِ الَّتِي في الأرْضِ، وابْحَثُوا عَنْها هَلْ تَجِدُونَ لَها خالِقًا غَيْرَ اللَّهِ، فَإذا عَلِمُوا أنَّهُ لا خالِقَ لَهم سِواهُ، لَزِمَتْهُمُ الحُجَّةُ في الإعادَةِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأةَ الآخِرَةَ﴾ أيْ: ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُهم عِنْدَ البَعْثِ نَشْأةً أُخْرى. وأكْثَرُ القُرّاءِ قَرَؤُوا: " النَّشْأةَ " بِتَسْكِينِ الشِّينِ وتَرْكِ المَدِّ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو: " النَّشاءَةَ " بِالمَدِّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ في الآخِرَةِ بَعْدَ إنْشائِهِمْ. والثّانِي: أنَّهُ في الدُّنْيا. ثُمَّ فِيهِ خَمْسَةُ أقْوالٍ حَكاها الماوَرْدِيُّ. أحَدُها: يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ بِالحِرْصِ، ويَرْحَمُ مَن يَشاءُ بِالقَناعَةِ. والثّانِي: يُعَذِّبُ بِسُوءِ الخُلُقِ ويَرْحَمُ بِحُسْنِ الخُلُقِ والثّالِثُ: يُعَذِّبُ بِمُتابَعَةِ البِدْعَةِ، ويَرْحَمُ بِمُلازَمَةِ السُّنَّةِ. والرّابِعُ: يُعَذِّبُ بِالِانْقِطاعِ إلى الدُّنْيا، ويَرْحَمُ بِالإعْراضِ عَنْها. والخامِسُ: يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ بِبُغْضِ النّاسِ لَهُ، ويَرْحَمُ مَن يَشاءُ بِحُبِّ النّاسِ لَهُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ أيْ: تَرُدُّونَ. ﴿وَما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ في الأرْضِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ حَكاهُما الزَّجّاجُ. (p-٢٦٦)أحَدُهُما: وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ في الأرْضِ، ولا أهْلُ السَّماءِ بِمُعْجِزِينَ في السَّماءِ. والثّانِي: وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ في الأرْضِ، ولا لَوْ كُنْتُمْ في السَّماءِ وقالَ قُطْرُبٌ: هَذا كَقَوْلِكَ: ما يَفُوتُنِي فُلانٌ لا هاهُنا ولا بِالبَصْرَةِ، أيْ: ولا بِالبَصْرَةِ لَوْ صارَ إلَيْها. قالَ مُقاتِلٌ: والخِطابُ لِكُفّارِ مَكَّةَ؛ والمَعْنى: لا تَسْبِقُونَ اللَّهَ حَتّى يَجْزِيَكم بِأعْمالِكُمُ السَّيِّئَةِ، ﴿وَما لَكم مِن دُونِ اللَّهِ مِن ولِيٍّ﴾ أيْ: قَرِيبٌ يَنْفَعُكم ﴿وَلا نَصِيرٍ﴾ يَمْنَعُكم مِنَ اللَّهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ ولِقائِهِ﴾ أيْ: بِالقُرْآنِ والبَعْثِ ﴿أُولَئِكَ يَئِسُوا مِن رَحْمَتِي﴾ في الرَّحْمَةِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: الجَنَّةُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّانِي: العَفْوُ والمَغْفِرَةُ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وذَلِكَ في الآخِرَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ العَذابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب