الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأوْحَيْنا إلى أُمِّ مُوسى﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ إلْهامٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّ جِبْرِيلَ أتاها بِذَلِكَ، (p-٢٠٢)قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّالِثُ: أنَّهُ كانَ رُؤْيا مَنامٍ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ. قالَ مُقاتِلٌ: واسْمُ أمِّ مُوسى " يُوخابِذَ " . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنْ أرْضِعِيهِ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: كانَتِ امْرَأةً مِنَ القَوابِلِ مُصافِيَةً لِأُمِّ مُوسى، فَلَمّا وضَعَتْهُ تَوَلَّتْ أمْرَها ثُمَّ خَرَجَتْ فَرَآَها بَعْضُ العُيُونِ فَجاؤُوا لِيَدْخُلُوا عَلى أُمِّ مُوسى، فَقالَتْ أُخْتُهُ: يا أُمّاهُ هَذا الحَرَسُ بِالبابِ، فَلَفَّتْ مُوسى في خِرْقَةٍ ووَضَعَتْهُ في التَّنُّورِ وهو يَسْجُرُ، فَدَخَلُوا ثُمَّ خَرَجُوا، فَقالَ لِأُخْتِهِ: أيْنَ الصَّبِيُّ، قالَتْ: لا أدْرِي، فَسَمِعَتْ بُكاءَهُ مِنَ التَّنُّورِ فاطَّلَعَتْ وقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ النّارَ بَرْدًا وسَلامًا، فَأرْضَعَتْهُ بَعْدَ وِلادَتِهِ ثَلاثَةَ أشْهُرٍ، وقِيلَ: أرْبَعَةُ أشْهُرٍ، فَلَمّا خافَتْ عَلَيْهِ صَنَعَتْ لَهُ التّابُوتَ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿فَإذا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾ قَوْلانِ. أحَدُهُما: إذا خِفْتِ عَلَيْهِ القَتْلَ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّانِي: إذا خِفْتِ [عَلَيْهِ] أنْ يَصِيحَ أوْ يَبْكِيَ فَيُسْمَعُ صَوْتُهُ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَلا تَخافِي﴾ قَوْلانِ. (p-٢٠٣)أحَدُهُما: أنْ يَغْرَقَ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. والثّانِي: أنْ يَضِيعَ، قالَهُ مُقاتِلٌ. وَقالَ الأصْمَعِيُّ: قُلْتُ لِأعْرابِيَّةٍ: ما أفْصَحَكَ! فَقالَتْ: أوَبَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ فَصاحَةٌ وهي قَوْلُهُ: ﴿وَأوْحَيْنا إلى أُمِّ مُوسى أنْ أرْضِعِيهِ، فَإذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَألْقِيهِ في اليَمِّ، ولا تَخافِي ولا تَحْزَنِي، إنّا رادُّوهُ إلَيْكِ وجاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ﴾ جَمَعَ فِيها بَيْنَ أمْرَيْنِ ونَهْيَيْنِ وخَبَرَيْنِ وبِشارَتَيْنِ؟! قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فالتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ﴾ الِالتِقاطُ: إصابَةُ الشَّيْءِ مِن غَيْرِ طَلَبٍ. والمُرادُ بِآَلِ فِرْعَوْنَ: الَّذِينَ تَوَلَّوْا أخْذَ التّابُوتِ مِنَ البَحْرِ. وَفِي الَّذِينَ التَقَطُوهُ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: جَوارِي امْرَأةِ فِرْعَوْنَ، قالَهُ السُّدِّيُّ. والثّانِي: ابْنَةُ فِرْعَوْنَ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ. والثّالِثُ: أعْوانُ فِرْعَوْنَ، قالَهُ ابْنُ إسْحاقَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِيَكُونَ لَهم عَدُوًّا﴾ أيْ: لِيَصِيرَ بِهِمُ الأمْرُ إلى ذَلِكَ لا أنَّهم أخَذُوهُ لِهَذا، وهَذِهِ اللّامُ تُسَمّى لامَ العاقِبَةَ، وقَدْ شَرَحْناهُ في (يُونُسَ: ٨٨) . وَلِلْمُفَسِّرِينَ في مَعْنى الكَلامِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: لِيَكُونَ لَهم عَدُوًّا في دِينِهِمْ وحَزَنًا لِما يَصْنَعُهُ بِهِمْ. والثّانِي: عَدُوًّا لِرِجالِهِمْ وحَزَنًا عَلى نِسائِهِمْ، فَقُتِلَ الرِّجالُ بِالغَرَقِ، واسْتَعْبَدَ النِّساءَ. ﴿وَقالَتِ امْرَأتُ فِرْعَوْنَ﴾ وهي آَسِيَةُ بِنْتُ مُزاحِمٍ، وكانَتْ مِن بَنِي إسْرائِيلَ تُزَوَّجَها فِرْعَوْنُ: ﴿قُرَّتُ عَيْنٍ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: رَفَعَ " قُرَّةَ عَيْنٍ " عَلى إضْمارِ " هو " . قالَ المُفَسِّرُونَ: كانَ فِرْعَوْنُ لا يُولَدُ لَهُ إلّا البَناتُ، فَقالَتْ: ﴿عَسى (p-٢٠٤)أنْ يَنْفَعَنا﴾ فَنَصِيبُ مِنهُ خَيْرًا ﴿أوْ نَتَّخِذَهُ ولَدًا﴾، ﴿وَهم لا يَشْعُرُونَ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: لا يَشْعُرُونَ أنَّهُ عَدُوٌّ لَهم، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّانِي: أنَّ هَلاكَهم عَلى يَدَيْهِ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّالِثُ: لا يَشْعُرُ بَنُو إسْرائِيلَ أنّا التَقَطْناهُ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ. والرّابِعُ: لا يَشْعُرُونَ أنِّي أفْعَلُ ما أُرِيدُ لا ما يُرِيدُونَ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب