الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِن بَعْدِ ما أهْلَكْنا القُرُونَ الأُولى﴾ يَعْنِي قَوْمَ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ وغَيْرَهم ﴿بَصائِرَ لِلنّاسِ﴾ أيْ: لِيُبَصَّرُوا بِهِ ويَهْتَدُوا. (p-٢٢٥)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما كُنْتَ بِجانِبِ الغَرْبِيِّ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: أيْ: وما كُنْتَ بِجانِبِ الجَبَلِ الغَرْبِيِّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ قَضَيْنا إلى مُوسى الأمْرَ﴾ أيْ: أحْكَمْنا الأمْرَ مَعَهُ بِإرْسالِهِ إلى فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ ﴿وَما كُنْتَ مِنَ الشّاهِدِينَ﴾ لِذَلِكَ الأمْرِ؛ وفي هَذا بَيانٌ لِصِحَّةِ نُبُوَّةِ نَبِيِّنا ﷺ، لِأنَّهم يَعْلَمُونَ أنَّهُ لَمْ يَقْرَإ الكُتُبَ، ولَمْ يُشاهِدْ ما جَرى، فَلَوْلا أنَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِ ذَلِكَ، ما عَلِمَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَكِنّا أنْشَأْنا قُرُونًا﴾ أيْ: خَلَقْنا أُمَمًا مِن بَعْدِ مُوسى ﴿فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ﴾ أيْ: طالَ إمْهالُهم فَنَسُوا عَهْدَ اللَّهِ وتَرَكُوا أمْرَهُ؛ وهَذا (p-٢٢٦)يَدُلُّ عَلى أنَّهُ قَدْ عَهِدَ إلى مُوسى وقَوْمِهِ عُهُودًا في أمْرِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وأُمِرُوا بِالإيمانِ بِهِ، فَلَمّا طالَ إمْهالُهم، أعْرَضُوا عَنْ مُراعاةِ العُهُودِ، ﴿وَما كُنْتَ ثاوِيًا﴾ أيْ: مُقِيمًا ﴿فِي أهْلِ مَدْيَنَ﴾ فَتَعْلَمَ خَبَرَ مُوسى وشُعَيْبَ وابْنَتَيْهِ فَتَتْلُو ذَلِكَ عَلى أهْلِ مَكَّةَ ﴿وَلَكِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ﴾ أرْسَلْناكَ إلى أهْلِ مَكَّةَ وأخْبَرْناكَ خَبَرَ المُتَقَدِّمِينَ، ولَوْلا ذَلِكَ ما عَلِمْتَهُ. ﴿وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ﴾ أيْ: بِناحِيَةِ الجَبَلِ الَّذِي كَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسى ﴿إذْ نادَيْنا﴾ مُوسى وكَلَّمْناهُ، هَذا قَوْلُ الأكْثَرِينَ؛ وقالَ أبُو هُرَيْرَةَ: كانَ هَذا النِّداءُ: يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، أعْطَيْتُكم قَبْلَ أنْ تَسْألُونِي، وأسْتَجِيبُ لَكم قَبْلَ أنْ تَدْعُونِي. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَكِنْ رَحْمَةً مِن رَبِّكَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: لَمْ تُشاهِدْ قَصَصَ الأنْبِياءِ، ولَكِنّا أوْحَيْنا إلَيْكَ وقَصَصْناها عَلَيْكَ، رَحْمَةً مِن رَبِّكَ. ﴿وَلَوْلا أنْ تُصِيبَهم مُصِيبَةٌ﴾ جَوابُ " لَوْلا " مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: لَوْلا أنَّهم يَحْتَجُّونَ بِتَرْكِ الإرْسالِ إلَيْهِمْ لَعاجَلْناهم بِالعُقُوبَةِ. وقِيلَ: لَوْلا ذَلِكَ لَمْ نَحْتَجْ إلى إرْسالِ الرُّسُلِ ومُؤاثَرَةِ الِاحْتِجاجِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب