الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأصْبَحَ في المَدِينَةِ﴾ وهي الَّتِي قُتِلَ بِها القِبْطِيُّ ﴿خائِفًا﴾ عَلى نَفْسِهِ ﴿يَتَرَقَّبُ﴾ أيْ: يَنْتَظِرُ سُوءًا يَنالُهُ مِنهم ويَخافُ أنْ يُقْتَلَ بِهِ ﴿فَإذا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ﴾ وهو الإسْرائِيلِيُّ ﴿يَسْتَصْرِخُهُ﴾ أيْ: يَسْتَغِيثُ بِهِ عَلى قِبْطِيٍّ آخَرَ أرادَ أنْ يُسَخِّرَهُ أيْضًا ﴿قالَ لَهُ مُوسى﴾ في هاءِ الكِنايَةِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها تَرْجِعُ إلى القِبْطِيِّ. والثّانِي: إلى الإسْرائِيلِيِّ، وهو أصَحُّ. فَعَلى الأوَّلِ يَكُونُ المَعْنى: ﴿إنَّكَ لَغَوِيٌّ﴾ بِتَسْخِيرِكَ وظُلْمِكَ. وَعَلى الثّانِي فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ الغَوِيُّ بِمَعْنى المُغْوِيِّ، كالألِيمِ والوَجِيعِ بِمَعْنى المُؤْلِمِ (p-٢١٠)والمُوجِعُ؛ والمَعْنى: إنَّك لَمُضِلٌّ حِينَ قَتَلْتَ بِالأمْسِ رَجُلًا بِسَبَبِكَ، وتَدْعُونِي اليَوْمَ إلى آَخَرَ. والثّانِي: أنْ يَكُونَ الغَوِيُّ بِمَعْنى الغاوِي؛ والمَعْنى إنَّكَ غاوٍ في قِتالِكَ مَن لا تُطِيقُ دَفْعَ شَرَهِ عَنْكَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا أنْ أرادَ أنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هو عَدُوٌّ لَهُما﴾ أيْ: بِالقِبْطِيِّ ﴿قالَ يا مُوسى﴾ هَذا قَوْلُ الإسْرائِيلِيِّ مِن غَيْرِ خِلافٍ عَلِمْناهُ بَيْنَ المُفَسِّرِينَ؛ قالُوا: لَمّا رَأى الإسْرائِيلِيُّ غَضَبَ مُوسى عَلَيْهِ حِينَ قالَ [لَهُ]: ﴿إنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ ورَآَهُ قَدْ هَمَّ أنْ يَبْطِشَ بِالفِرْعَوْنِيِّ، ظَنَّ أنَّهُ يُرِيدُهُ فَخافَ عَلى نَفْسِهِ فِ ﴿قالَ يا مُوسى أتُرِيدُ أنْ تَقْتُلَنِي﴾ وكانَ قَوْمُ فِرْعَوْنَ لَمْ يَعْلَمُوا مَن قاتِلُ القِبْطِيِّ، إلّا أنَّهم أتَوْا إلى فِرْعَوْنَ فَقالُوا: إنَّ بَنِي إسْرائِيلَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنّا فَخُذْ لَنا بِحَقِّنا، فَقالَ: ابْغُونِي قاتِلَهُ ومَن يَشْهَدُ عَلَيْهِ لِآخِذٍ لَكم حَقُّكم، فَبَيْنا هم يَطُوفُونَ ولا يَدْرُونَ مَنِ القاتِلُ، وقَعَتْ هَذِهِ الخُصُومَةُ بَيْنَ الإسْرائِيلِيِّ والقِبْطِيِّ في اليَوْمِ الثّانِي، فَلَمّا قالَ الإسْرائِيلِيُّ لِمُوسى: ﴿أتُرِيدُ أنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ﴾ انْطَلَقَ القِبْطِيُّ إلى فِرْعَوْنَ فَأخْبَرَهُ أنَّ مُوسى هو الَّذِي قَتَلَ الرَّجُلَ، فَأمَرَ بِقَتْلِ مُوسى، فَعَلِمَ بِذَلِكَ رَجُلٌ مِن شِيعَةِ مُوسى فَأتاهُ فَأخْبَرَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَجاءَ رَجُلٌ مِن أقْصى المَدِينَةِ يَسْعى﴾ . فَأمّا الجَبّارُ، فَقالَ السُّدِّيُّ: هو القِتالُ، وقَدْ شَرَحْناهُ في (هُودٍ: ٥٩)، وأقْصى المَدِينَةَ: آَخِرُها وأبْعَدَها، ويَسْعى، بِمَعْنى يُسْرِعُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: وهَذا الرَّجُلُ هو مُؤْمِنُ آَلِ فِرْعَوْنَ، وسَيَأْتِي الخِلافُ في اسْمِهِ في سُورَةِ (المُؤْمِنُونَ: ٢٨) . فَأمّا المَلَأُ، فَهُمُ الوُجُوهُ مِنَ النّاسِ والأشْرافِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. (p-٢١١)أحَدُها: يَتَشاوَرُونَ فِيكَ لِيَقْتُلُوكَ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. والثّانِي: يَهُمُّونَ بِكَ، قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. والثّالِثُ: يَأْمُرُ بَعْضُهم بَعْضًا بِقَتْلِكَ، قالَهُ الزَّجّاجُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب