الباحث القرآني

(p-١٥٣)سُورَةُ النَّمْلِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّها بِإجْماعِهِمْ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿طس﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ قَسَمٌ أقْسَمَ اللَّهُ بِهِ، وهو مِن أسْمائِهِ، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وفي رِوايَةٍ أُخْرى عَنْهُ، قالَ: هو اسْمُ اللَّهِ الأعْظَمُ. (p-١٥٤)والثّانِي: اسْمٌ مِن أسْماءِ القُرْآَنِ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّالِثُ: الطّاءُ مِنَ اللَّطِيفِ، والسِّينِ مِنَ السَّمِيعِ، حَكاهُ الثَّعْلَبِيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكِتابٍ مُبِينٍ﴾ وقَرَأ أبُو المُتَوَكِّلِ، وأبُو عِمْرانَ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: " وكِتابٌ مُبِينٌ " بِالرَّفْعِ فِيهِما. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَبُشْرى﴾ أيْ: بُشْرى بِما فِيهِ مِنَ الثَّوابِ لِلْمُصَدِّقِينَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿زَيَّنّا لَهم أعْمالَهُمْ﴾ أيْ: حَبَّبْنا إلَيْهِمْ قَبِيحَ فِعْلِهِمْ. وقَدْ بَيَّنّا حَقِيقَةَ التَّزْيِينِ والعَمَهِ في (البَقَرَةِ: ١٥، ٢١٢) . وسُوءُ العَذابِ: شَدِيدُهُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُمُ الأخْسَرُونَ﴾ لِأنَّهم خَسِرُوا أنْفُسَهم وأهْلِيهِمْ وصارُوا إلى النّارِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنَّكَ لَتُلَقّى القُرْآنَ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: يُلْقى عَلَيْكَ فَتَتَلَقّاهُ أنْتَ، أيْ: تَأْخُذُهُ. ﴿إذْ قالَ مُوسى﴾ المَعْنى: اذْكُرْ إذْ قالَ مُوسى. قالَ تَعالى: ﴿بِشِهابٍ قَبَسٍ﴾ قَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، ويَعْقُوبُ إلّا زَيْدًا: " بِشِهابٍ " بِالتَّنْوِينِ. وقَرَأ الباقُونَ عَلى الإضافَةِ غَيْر َمُنَوَّنٍ. قالَ الزَّجّاجُ: مَن نَوَّنَ الشِّهابَ، وجَعَلَ القَبَسَ مِن صِفَةِ الشِّهابِ، وكُلُّ أبْيَضٍ ذِي نُورٍ، فَهو شِهابٌ. فَأمّا مَن أضافَ، فَقالَ الفَرّاءُ: هَذا مِمّا يُضافُ إلى نَفْسِهِ إذا اخْتَلَفَتِ الأسْماءُ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَلَدارُ الآخِرَةِ﴾ [يُوسُفَ: ١٠٩] . قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الشِّهابُ: النّارُ، والقَبَسُ: النّارُ تَقْبِسُ، يُقالُ: قَبَسَتِ النّارُ قَبَسًا، واسْمُ ما قَبَسْتَ: قَبَسٌ. (p-١٥٥)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَصْطَلُونَ﴾ أيْ: تَسْتَدْفِئُونَ، وكانَ الزَّمان شِتاءً. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا جاءَها﴾ أيْ: جاءَ مُوسى النّارَ، وإنَّما كانَ نُورًا فاعْتَقَدَهُ نارًا، ﴿نُودِيَ أنْ بُورِكَ مَن في النّارِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّ المَعْنى: قَدَّسَ مَن في النّارِ، وهو اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ؛ والمَعْنى: قَدَّسَ مَن ناداهُ مِنَ النّارِ، لا أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَحِلُّ في شَيْءٍ. والثّانِي: أنَّ " مِن " زائِدَةٌ؛ والمَعْنى: بُورِكَتِ النّارُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّالِثُ: أنَّ المَعْنى: بُورِكَ عَلى مَن في النّارِ، أوْ فِيمَن في النّارِ؛ قالَ الفَرّاءُ: والعَرَبُ تَقُولُ: بارَكَهُ اللَّهُ، وبارَكَ عَلَيْهِ، وبارَكَ فِيهِ، بِمَعْنًى واحِدٍ، والتَّقْدِيرُ: بُورِكَ مَن في طَلَبِ النّارِ، وهو مُوسى، فَحَذَفَ المُضافَ. وهَذِهِ تَحِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى لِمُوسى بِالبَرَكَةِ، كَما حَيّا إبْراهِيمَ بِالبَرَكَةِ عَلى ألْسِنَةِ المَلائِكَةِ حِينَ دَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقالُوا: ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ عَلَيْكم أهْلَ البَيْتِ﴾ [هُودٍ: ٧٣] . فَخَرَجَ في قَوْلِهِ: ﴿بُورِكَ﴾ قَوْلانِ. أحَدُهُما: قَدَّسَ. والثّانِي: مِنَ البَرَكَةِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَن حَوْلَها﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: المَلائِكَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ. والثّانِي: مُوسى والمَلائِكَةُ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ. والثّالِثُ: مُوسى؛ فالمَعْنى: بُورِكَ فِيمَن يَطْلُبُها وهو قَرِيبٌ مِنها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب