الباحث القرآني

(p-١١٢)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَعْنِي الجَنَّةَ. وقالَ غَيْرُهُ: الغُرْفَةُ: كُلُّ بِناءٍ عالٍ مُرْتَفِعٍ، والمُرادُ غُرَفُ الجَنَّةِ، وهي مِنَ الزَّبَرْجَدِ والدُّرِّ والياقُوتِ، ﴿بِما صَبَرُوا﴾ عَلى دِينِهِمْ وعَلى أذى المُشْرِكِينَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيها﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: " ويُلَقَّوْنَ " بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ اللّامِ وتَشْدِيدِ القافِ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: " ويَلْقَوْنَ " بِفَتْحِ الياءِ وسُكُونِ اللّامِ وتَخْفِيفِ القافِ، ﴿تَحِيَّةً وسَلامًا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُحَيِّي بَعْضُهم بَعْضًا بِالسَّلامِ، ويُرْسِلُ إلَيْهِمُ الرَّبُّ عَزَّ وجَلَّ بِالسَّلامِ. وقالَ مُقاتِلٌ: " تَحِيَّةً " يَعْنِي السَّلامَ، " وسَلامًا " أيْ: سَلَّمَ اللَّهُ لَهم أمَرَهم وتَجاوَزَ عَنْهم. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ ما يَعْبَأُ بِكم رَبِّي﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: ما يَصْنَعُ بِكُمْ! قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أيُّ وزْنٍ يَكُونُ لَكم عِنْدَهُ؛ تَقُولُ: ما عَبَأْتُ بِفُلانٍ، أيْ: ما كانَ لَهُ عِنْدِي وزْنٌ ولا قَدْرٌ، قالَهُ الزَّجّاجُ. والثّالِثُ: ما يَعْبَأُ بِعَذابِكم، قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا دُعاؤُكُمْ﴾ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: لَوْلا إيمانُكم، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. (p-١١٣)والثّانِي: لَوْلا عِبادَتُكم، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: لَوْلا دُعاؤُهُ إيّاكم لِتَعْبُدُوهُ، قالَهُ مُجاهِدٌ؛ والمُرادُ نَفْعُ الخَلْقِ، لِأنَّ اللَّهَ تَعالى غَيْرُ مُحْتاجٍ. والرّابِعُ: لَوْلا تَوْحِيدُكم، حَكاهُ الزَّجّاجُ. وعَلى قَوْل الأكْثَرِينَ لَيْسَ في الآيَةِ إضْمارٌ؛ وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: فِيها إضْمارٌ تَقْدِيرُهُ: ما يَعْبَأُ بِعَذابِكم لَوْلا ما تَدْعُونَهُ مِنَ الشَّرِيكِ والوَلَدِ، ويُوَضِّحُ ذَلِكَ [قَوْلُهُ]: ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ لِزامًا﴾ يَعْنِي: العَذابَ، ومِثْلُهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ مَن شاءَ دَلّى النَّفْسَ في هُوَّةٍ ضَنْكٍ ولَكِنْ مَن لَهُ بِالمَضِيقْ أيْ: بِالخُرُوجِ مِنَ المَضِيقِ. وهَلْ هَذا خِطابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، أوْ لِلْكُفّارِ؟ فِيهِ قَوْلانِ. فَأمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ﴾ فَهو خِطابٌ لِأهْلِ مَكَّةَ حِينَ كَذَّبُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ﴾ يَعْنِي: تَكْذِيبُكم ﴿لِزامًا﴾ أيْ: عَذابًا لازِمًا [لَكُمْ]؛ وفِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ قَتْلُهم يَوْمَ بَدْرٍ، فَقُتِلُوا يَوْمئِذٍ، واتَّصَلَ بِهِمْ عَذابُ الآخِرَةِ لازِمًا لَهم، وهَذا مَذْهَبُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ومُجاهِدٍ في آخَرِينَ. والثّانِي: أنَّهُ المَوْتُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: أنَّ اللِّزامَ: القِتالُ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب