الباحث القرآني

(p-٩٨)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما أسْألُكم عَلَيْهِ﴾ أيْ: عَلى القُرْآنِ وتَبْلِيغِ الوَحْيِ ﴿مِن أجْرٍ﴾ وهَذا تَوْكِيدٌ لِصِدْقِهِ، لِأنَّهُ لَوْ سَألَهم شَيْئًا مِن أمْوالِهِمْ لاتَّهَمُوهُ، ﴿إلا مَن شاءَ﴾ مَعْناهُ: لَكِنَّ مَن شاءَ ﴿أنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلا﴾ بِإنْفاقِ مالِهِ في مَرْضاتِهِ، فَعَلَ ذَلِكَ، فَكَأنَّهُ قالَ: لا أسْألُكم لِنَفْسِي. وقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُ الكَلِماتِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ [آلِ عِمْرانَ: ١٥٩، البَقَرَةِ: ٣٠، الأعْرافِ: ٥٤] إلى قَوْلِهِ: ﴿فاسْألْ بِهِ خَبِيرًا﴾، و " بِهِ " بِمَعْنى: " عَنْهُ "، قالَ [عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ]: فَإنْ تَسْألُونِي بِالنِّساءِ فَإنَّنِي بَصِيرٌ بِأدْواءِ النِّساءِ طَبِيبُ وَفِي هاءِ " بِهِ " ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها تَرْجِعُ إلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. والثّانِي: إلى اسْمِهِ الرَّحْمَنِ، لِأنَّهم قالُوا: لا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ. والثّالِثُ: إلى ما ذَكَرَ مِن خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ وغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي " الخَبِير " أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ جِبْرِيلُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، والمَعْنى: (p-٩٩)سَلْنِي فَأنا الخَبِيرُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّالِثُ: [أنَّهُ] القُرْآنُ، قالَهُ شَمِرٌ. والرّابِعُ: مُسْلِمَةُ أهْلِ الكِتابِ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ، وهَذا يَخْرُجُ عَلى قَوْلِهِمْ: لا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، فَقِيلَ: سَلُوا مُسْلِمَةَ أهْلِ الكِتابِ، فَإنَّ اللَّهَ تَعالى خاطِب مُوسى في التَّوْراةِ بِاسْمِهِ الرَّحْمَنِ، فَعَلى هَذا، الخِطابُ لِلنَّبِيِّ ﷺ والمُرادُ سِواهُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا قِيلَ لَهُمُ﴾ يَعْنِي كُفّارَ مَكَّةَ ﴿اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قالُوا وما الرَّحْمَنُ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: إنَّهم قالُوا: لا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إلّا رَحِمْنَ اليَمامَةِ، فَأنْكَرُوا أنْ يَكُونَ مِن أسْماءِ اللَّهِ تَعالى، ﴿أنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا﴾ وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: " يَأْمُرُنا " بِالياءِ، أيْ: لِما يَأْمُرُنا بِهِ مُحَمَّدٌ، وهَذا اسْتِفْهامُ إنْكارٍ، ومَعْناهُ: لا نَسْجُدُ لِلرَّحْمَنِ الَّذِي تَأْمُرُنا بِالسُّجُودِ لَهُ، ﴿وَزادَهُمْ﴾ ذِكْرُ الرَّحْمَنِ ﴿نُفُورًا﴾ أيْ: تُباعُدًا مِنَ الإيمانِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب