الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الرُّسُلُ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، وقَتادَةُ في آخَرِينَ: يَعْنِي بِالرُّسُلِ هاهُنا: مُحَمَّدًا ﷺ وحْدَهُ، وهو مَذْهَبُ العَرَبِ في مُخاطَبَةِ الواحِدِ خِطابَ الجَمِيعِ، ويَتَضَمَّنُ هَذا أنَّ الرُّسُلَ جَمِيعًا كَذا أُمِرُوا، وإلى هَذا المَعْنى ذَهَبَ ابْنُ قُتَيْبَةَ والزَّجّاجُ، والمُرادُ بِالطَّيِّباتِ: الحَلالُ. قالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ: كانَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ يَأْكُلُ مِن غَزْلِ أُمِّهِ. (p-٤٧٨) قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو: ( وأنَّ ) بِالفَتْحِ وتَشْدِيدِ النُّونِ. وافَقَ ابْنُ عامِرٍ في فَتْحِ الألِفِ، لَكِنَّهُ سَكَّنَ النُّونَ. وقَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: ( وإنَّ ) بِكَسْرِ الألِفِ وتَشْدِيدِ النُّونِ. قالَ الفَرّاءُ: مَن فَتَحَ عَطَفَ عَلى قَوْلِهِ: ﴿إنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾، وبِأنَّ هَذِهِ أُمَّتُكم، فَمَوْضِعُها خَفْصٌ؛ لِأنَّها مَرْدُودَةٌ عَلى " ما "، وإنْ شِئْتَ كانَتْ مَنصُوبَةً بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، كَأنَّكَ قُلْتَ: واعْلَمُوا هَذا، ومَن كَسَرَ اسْتَأْنَفَ. قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: وأمّا ابْنُ عامِرٍ فَإنَّهُ خَفَّفَ النُّونَ المُشَدَّدَةَ، وإذا خُفِّفَتْ تَعَلَّقَ بِها ما يَتَعَلَّقُ بِالمُشَدَّدَةِ. وقَدْ شَرَحْنا مَعْنى الآيَةِ والَّتِي بَعْدَها في ( الأنْبِياءِ: ٩٢ ) إلى قَوْلِهِ: ﴿زُبُرًا﴾ وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ وأبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ: ( زُبَرًا ) بِرَفْعِ الزّايِ وفَتْحِ الباءِ. وقَرَأ أبُو الجَوْزاءِ وابْنُ السَّمَيْفَعِ: ( زُبْرًا ) بِرَفْعِ الزّايِ وإسْكانِ الباءِ. قالَ الزَّجّاجُ: مَن قَرَأ: ( زُبُرًا ) بِضَمِّ الباءِ، فَتَأْوِيلُهُ: جَعَلُوا دِينَهم كُتُبًا مُخْتَلِفَةً، جَمْعُ زَبُورٍ. ومَن قَرَأ: ( زُبَرًا ) بِفَتْحِ الباءِ، أرادَ: قِطَعًا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾؛ أيْ: بِما عِنْدَهم مِنَ الدِّينِ الَّذِي ابْتَدَعُوهُ مُعْجَبُونَ، يَرَوْنَ أنَّهم عَلى الحَقِّ. وَفِي المُشارِ إلَيْهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم أهْلُ الكِتابِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّانِي: أنَّهم أهْلُ الكِتابِ ومُشْرِكُو العَرَبِ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. (p-٤٧٩) قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَذَرْهم في غَمْرَتِهِمْ﴾ وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ وأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: ( في غَمَراتِهِمْ ) عَلى الجَمْعِ. قالَ الزَّجّاجُ: في عَمايَتِهِمْ وحَيْرَتِهِمْ. ﴿حَتّى حِينٍ﴾؛ أيْ: إلى حِينِ يَأْتِيهِمْ ما وُعِدُوا بِهِ مِنَ العَذابِ. قالَ مُقاتِلٌ: يَعْنِي: كُفّارَ مَكَّةَ. * فَصْلٌ وَهَلْ هَذِهِ الآيَةُ مَنسُوخَةٌ أمْ لا ؟ فِيها قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها مَنسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. والثّانِي: أنَّ مَعْناها التَّهْدِيدُ فَهي مُحْكَمَةٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أيَحْسَبُونَ أنَّما نُمِدُّهم بِهِ﴾ وقَرَأ عِكْرِمَةُ وأبُو الجَوْزاءِ: ( يُمِدُّهم ) بِالياءِ المَرْفُوعَةِ وكَسْرِ المِيمِ. وقَرَأ أبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ: ( نَمُدُّهم ) بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ ورَفْعِ المِيمِ. قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: أيَحْسَبُونَ أنَّ الَّذِي نَمُدُّهم بِهِ ﴿مِن مالٍ وبَنِينَ﴾ مُجازاةٌ لَهم ؟ إنَّما هو اسْتِدْراجٌ. ﴿نُسارِعُ لَهم في الخَيْراتِ﴾؛ أيْ: نُسارِعُ لَهم بِهِ في الخَيْراتِ. وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةُ، وأيُّوبُ السِّخْتِيانِيُّ: ( يُسارِعُ ) بِياءٍ مَرْفُوعَةٍ وكَسْرِ الرّاءِ. وقَرَأ مُعاذٌ القارِئُ وأبُو المُتَوَكِّلِ مِثْلَهُ، إلّا أنَّهُما فَتَحا الرّاءَ. وقَرَأ أبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ، وعاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ: ( يُسْرِعُ ) بِياءٍ مَرْفُوعَةٍ وسُكُونِ السِّينِ ونُصْبِ الرّاءِ مِن غَيْرِ ألِفٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَلْ لا يَشْعُرُونَ﴾؛ أيْ: لا يَعْلَمُونَ أنَّ ذَلِكَ اسْتِدْراجٌ لَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب