الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ قَرَأ نافِعٌ، وعاصِمٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: ( قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ )، وهَذا سُؤالُ اللَّهِ تَعالى لِلْكافِرِينَ. وفي وقْتِهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ يَسْألُهم يَوْمَ البَعْثِ. والثّانِي: بَعْدَ حُصُولِهِمْ في النّارِ. وَقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: ( قُلْ كَمْ لَبِثْتُمْ ) وفِيها قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ خِطابٌ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهم، والمَعْنى: قُلْ يا أيُّها الكافِرُ. (p-٤٩٥) والثّانِي: أنَّ المَعْنى: قُولُوا، فَأخْرَجَهُ مَخْرَجَ الأمْرِ لِلْواحِدِ، والمُرادُ الجَماعَةُ؛ لِأنَّ المَعْنى مَفْهُومٌ. وأبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ يُدْغِمُونَ ثاءَ ( لَبِثْتُمْ )، والباقُونَ لا يُدْغِمُونَها. فَمَن أدْغَمَ فَلِتَقارُبِ مَخْرَجِ الثّاءِ والتّاءِ، ومَن لَمْ يُدْغِمْ فَلِتَبايُنِ المَخْرَجَيْنِ. وَفِي المُرادِ بِالأرْضِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها القُبُورُ. والثّانِي: الدُّنْيا. فاحْتَقَرَ القَوْمُ ما لَبِثُوا لِما عايَنُوا مِنَ الأهْوالِ والعَذابِ، فَقالُوا: ﴿لَبِثْنا يَوْمًا أوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ قالَ الفَرّاءُ: والمَعْنى: لا نَدْرِي كَمْ لَبِثْنا. وَفِي المُرادِ بِالعادِّينَ قَوْلانِ: أحَدُهُما: المَلائِكَةُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّانِي: الحِسابُ، قالَهُ قَتادَةُ. وقَرَأ الحَسَنُ، والزُّهْرِيُّ، وأبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ، وابْنُ يَعْمُرَ: ( العادِينَ ) بِتَخْفِيفِ الدّالِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ إنْ لَبِثْتُمْ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وعاصِمٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: ( قالَ إنْ لَبِثْتُمْ ) . وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ: ( قُلْ إنْ لَبِثْتُمْ ) عَلى مَعْنى: قُلْ أيُّها السّائِلُ عَنْ لُبْثِهِمْ. وزَعَمُوا أنَّ في مُصْحَفِ أهْلِ الكُوفَةِ: ( قُلْ ) في المَوْضِعَيْنِ، فَقَرَأهُما حَمْزَةُ والكِسائِيُّ عَلى ما في مَصاحِفِهِمْ؛ أيْ: ما لَبِثْتُمْ في الأرْضِ، ﴿إلا قَلِيلا﴾؛ لِأنَّ مُكْثَهم في الأرْضِ وإنْ طالَ، فَإنَّهُ مُتَناهٍ، ومُكْثَهم في النّارِ لا يَتَناهى. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿لَوْ أنَّكم كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: لَوْ عَلِمْتُمْ قَدْرَ لُبْثِكم في الأرْضِ. والثّانِي: لَوْ عَلِمْتُمْ أنَّكم إلى اللَّهِ تَرْجِعُونَ فَعَمِلْتُمْ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَحَسِبْتُمْ﴾؛ أيْ: أفَظَنَنْتُمْ. ﴿أنَّما خَلَقْناكم عَبَثًا﴾؛ أيْ: (p-٤٩٦)لِلْعَبَثِ. والعَبَثُ في اللُّغَةِ: اللَّعِبُ، وقِيلَ: هو الفِعْلُ لا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ. ﴿وَأنَّكم إلَيْنا لا تُرْجَعُونَ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وعاصِمٌ: ( لا تُرْجَعُونَ ) بِضَمِّ التّاءِ. وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِفَتْحِها. ﴿فَتَعالى اللَّهُ﴾ عَمّا يَصِفُهُ بِهِ الجاهِلُونَ مِنَ الشِّرْكِ والوَلَدِ. ﴿المَلِكُ﴾ قالَ الخَطّابِيُّ: هو التّامُّ المُلْكِ الجامِعُ لِأصْنافِ المَمْلُوكاتِ. وأمّا المالِكُ: فَهو الخالِصُ المُلْكِ. وقَدْ ذَكَرْنا مَعْنى ﴿الحَقُّ﴾ في ( يُونُسَ: ٣٢ ) . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ﴾ والكَرِيمُ في صِفَةِ الجَمادِ بِمَعْنى: الحَسَنِ. وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: ( الكَرِيمُ ) بِرَفْعِ المِيمِ، يَعْنِي: اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ﴾؛ أيْ: لا حُجَّةٌ لَهُ بِهِ ولا دَلِيلٌ. وقالَ بَعْضُهم: مَعْناهُ: فَلا بُرْهانَ لَهُ بِهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾؛ أيْ: جَزاؤُهُ عِنْدَ رَبِّهِ. تَمَّ - بِعَوْنِ اللَّهِ تَبارَكَ وتَعالى - الجُزْءُ الخامِسُ مِن كِتابِ " زادِ المَسِيرِ في عِلْمِ التَّفْسِيرِ " ويَلِيهِ الجُزْءُ السّادِسُ وَأوَّلُهُ تَفْسِيرُ " سُورَةِ النُّورِ "
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب