الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ﴾ قَدْ سَبَقَ بَيانُهُ. وهَذا مِمّا نَزَلَ في النَّضْرِ أيْضًا. والهُدى: البَيانُ والبُرْهانُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثانِيَ عِطْفِهِ﴾ العِطْفُ: الجانِبُ، وعِطْفا الرَّجُلِ: جانِباهُ عَنْ يَمِينٍ وشِمالٍ، وهو المَوْضِعُ الَّذِي يَعْطِفُهُ الإنْسانُ ويَلْوِيهِ عِنْدَ إعْراضِهِ عَنِ المَشْيِ. قالَ الزَّجّاجُ: ﴿ثانِيَ﴾ مَنصُوبٌ عَلى الحالِ، ومَعْناهُ التَّنْوِينُ، مَعْناهُ: ثانِيًا عِطْفَهُ. وجاءَ في التَّفْسِيرِ: أنَّ مَعْناهُ: لاوِيًا عُنُقَهُ، وهَذا يُوصَفُ بِهِ المُتَكَبِّرُ، والمَعْنى: ومِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ مُتَكَبِّرًا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِيُضِلَّ﴾؛ أيْ: لِيَصِيرَ أمْرُهُ إلى الضَّلالِ، فَكَأنَّهُ وإنْ لَمْ يَقْدِرْ أنَّهُ يُضِلُّ، فَإنَّ أمْرَهُ يَصِيرُ إلى ذَلِكَ. ﴿لَهُ في الدُّنْيا خِزْيٌ﴾ وهو ما أصابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وذَلِكَ أنَّهُ قُتِلَ. وما بَعْدَ هَذا قَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُهُ [ يُونُس: ٧٠ ] إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ﴾ وفي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلانِ: (p-٤١٠)أحَدُهُما: «أنَّ ناسًا مِنَ العَرَبِ كانُوا يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ عَلى دِينِكَ، فَإنْ أصابُوا مَعِيشَةً، ونَتَجَتْ خَيْلُهم، ووَلَدَتْ نِساؤُهُمُ الغِلْمانَ، اطْمَأنُّوا وقالُوا: هَذا دِينُ حَقٍّ، وإنْ لَمْ يَجْرِ الأمْرُ عَلى ذَلِكَ قالُوا: هَذا دِينُ سَوْءٍ، فَيَنْقَلِبُونَ عَنْ دِينِهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ»، هَذا مَعْنى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ الأكْثَرُونَ. والثّانِي: «أنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ أسْلَمَ، فَذَهَبَ بَصَرُهُ ومالُهُ ووَلَدُهُ، فَتَشاءَمَ بِالإسْلامِ، فَأتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ: أقِلْنِي، فَقالَ: " إنَّ الإسْلامَ لا يُقالُ " . فَقالَ: إنْ لَمْ أُصِبْ في دِينِي هَذا خَيْرًا، أُذْهِبَ بَصَرِي ومالِي ووَلَدِي. فَقالَ: " يا يَهُودِيُّ؛ إنَّ الإسْلامَ يَسْبِكُ الرِّجالَ كَما تَسْبِكُ النّارُ خَبَثَ الحَدِيدِ والفِضَّةِ والذَّهَبِ "، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ»، رَواهُ عَطِيَّةُ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب