الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو: ( يَدْفَعُ )، ( ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ ) بِغَيْرِ ألِفٍ، وهَذا عَلى مَصْدَرِ ( دَفَعَ ) . وقَرَأ عاصِمٌ، وابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: ( إنَّ اللَّهَ يُدافِعُ ) بِألِفٍ، ( ولَوْلا دَفْعُ ) بِغَيْرِ ألِفٍ، وهَذا عَلى مَصْدَرِ ( دافَعَ )، والمَعْنى: يَدْفَعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا غائِلَةَ المُشْرِكِينَ بِمَنعِهِمْ مِنهم ونَصْرِهِمْ عَلَيْهِمْ. قالَ الزَّجّاجُ: والمَعْنى: إذا فَعَلْتُمْ هَذا وخالَفْتُمُ الجاهِلِيَّةَ فِيما يَفْعَلُونَهُ مِن نَحْرِهِمْ وإشْراكِهِمْ، فَإنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ عَنْ حِزْبِهِ. والـ ﴿خَوّانٍ﴾ فَعّالٌ مِنَ الخِيانَةِ، والمَعْنى: أنَّ مَن ذَكَرَ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ، وتَقَرَّبَ إلى الأصْنامِ بِذَبِيحَتِهِ، فَهو خَوّانٌ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهم ظُلِمُوا﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ، (p-٤٣٦)وَحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: ( أذِنَ ) بِفَتْحِ الألِفِ. وقَرَأ نافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وأبُو بَكْرٍ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: ( أُذِنَ ) بِضَمِّها.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ بِكَسْرِ التّاءِ. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ بِفَتْحِها. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: «كانَ مُشْرِكُو أهْلِ مَكَّةَ يُؤْذُونَ أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَيَقُولُ لَهُمُ: " اصْبِرُوا، فَإنِّي لَمْ أُومَرْ بِالقِتالِ "، حَتّى هاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ، وهي أوَّلُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ في القِتالِ» . وقالَ مُجاهِدٌ: هم ناسٌ خَرَجُوا مِن مَكَّةَ مُهاجِرِينَ، فَأدْرَكَهم كُفّارُ قُرَيْشٍ، فَأُذِنَ لَهم في قِتالِهِمْ. قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى الآيَةِ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ أنْ يُقاتِلُوا. ﴿بِأنَّهم ظُلِمُوا﴾؛ أيْ: بِسَبَبِ ما ظُلِمُوا. ثُمَّ وعَدَهُمُ النَّصْرَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ ولا يَجُوزُ أنْ تُقْرَأ بِفَتْحِ " إنَّ " هَذِهِ مِن غَيْرِ خِلافٍ بَيْنِ أهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأنَّ " إنَّ " إذا كانَتْ مَعَها اللّامُ لَمْ تُفْتَحْ أبَدًا. وقَوْلُهُ: ﴿إلا أنْ يَقُولُوا رَبُّنا اللَّهُ﴾ مَعْناهُ: أُخْرِجُوا لِتَوْحِيدِهِمْ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النّاسَ﴾ قَدْ فَسَّرْناهُ في ( البَقَرَةِ: ٢٥١ ) .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَهُدِّمَتْ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ ونافِعٌ: ( لَهُدِمَتْ ) خَفِيفَةً، والباقُونَ بِتَشْدِيدِ الدّالِ.
فَأمّا الصَّوامِعُ فَفِيها قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها صَوامِعُ الرُّهْبانِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو العالِيَةِ، ومُجاهِدٌ، وابْنُ زَيْدٍ.
والثّانِي: أنَّها صَوامِعُ الصّابِئِينَ، قالَهُ قَتادَةُ وابْنُ قُتَيْبَةَ.
فَأمّا البِيَعُ فَهي جَمْعُ بَيْعَةٍ، وهي بَيْعُ النَّصارى. (p-٤٣٧)
وَفِي المُرادِ بِالصَّلَواتِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: مَواضِعُ الصَّلَواتِ. ثُمَّ فِيها قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها كَنائِسُ اليَهُودِ، قالَهُ قَتادَةُ والضَّحّاكُ، وقَرَأتُ عَلى شَيْخِنا أبِي مَنصُور اللُّغَوِيِّ، قالَ: قَوْلُهُ: ﴿وَصَلَواتٌ﴾: هي كَنائِسُ اليَهُودِ، وهي بِالعِبْرانِيَّةِ: ( صُلُوثا ) . والثّانِي: أنَّها مَساجِدُ الصّابِئِينَ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها الصَّلَواتُ حَقِيقَةً، والمَعْنى: لَوْلا دَفْعُ اللَّهِ عَنِ المُسْلِمِينَ بِالمُجاهِدِينَ، لانْقَطَعَتِ الصَّلَواتُ في المَساجِدِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
فَأمّا المَساجِدُ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هي مَساجِدُ المُسْلِمِينَ. وقالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى الآيَةِ: لَوْلا دَفْعُ بَعْضِ النّاسِ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ في زَمَنِ مُوسى الكَنائِسُ، وفي زَمَنِ عِيسى الصَّوامِعُ والبِيَعُ، وفي زَمَنِ مُحَمَّدٍ المَساجِدُ.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿يُذْكَرُ فِيها اسْمُ اللَّهِ﴾ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّ الكِنايَةَ تَرْجِعُ إلى جَمِيعِ الأماكِنِ المَذْكُوراتِ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
والثّانِي: إلى المَساجِدِ خاصَّةً؛ لِأنَّ جَمِيعَ المَواضِعِ المَذْكُورَةِ الغالِبُ فِيها الشِّرْكُ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنْصُرُهُ﴾؛ أيْ: مَن يَنْصُرُ دِينَهُ وشَرْعَهُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ إنْ مَكَّنّاهم في الأرْضِ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: هَذِهِ صِفَةُ ناصِرِيهِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: التَّمْكِينُ في الأرْضِ: نُصْرَتُهم عَلى عَدُوِّهِمْ، والمَعْرُوفُ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، والمُنْكَرُ: الشِّرْكُ. قالَ الأكْثَرُونَ: وهَؤُلاءِ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . وقالَ القُرَظِيُّ: هُمُ الوُلاةُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ﴾؛ أيْ: إلَيْهِ مَرْجِعُها؛ لِأنَّ كُلَّ مَلِكٍ يُبْطِلُ سِوى مُلْكِهِ.(p-٤٣٨)
{"ayahs_start":38,"ayahs":["۞ إِنَّ ٱللَّهَ یُدَ ٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ كُلَّ خَوَّانࣲ كَفُورٍ","أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقَـٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُوا۟ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِیرٌ","ٱلَّذِینَ أُخۡرِجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِم بِغَیۡرِ حَقٍّ إِلَّاۤ أَن یَقُولُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّهُدِّمَتۡ صَوَ ٰمِعُ وَبِیَعࣱ وَصَلَوَ ٰتࣱ وَمَسَـٰجِدُ یُذۡكَرُ فِیهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِیرࣰاۗ وَلَیَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ","ٱلَّذِینَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا۟ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡا۟ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ"],"ayah":"۞ إِنَّ ٱللَّهَ یُدَ ٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ كُلَّ خَوَّانࣲ كَفُورٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











