الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَلى حَرْفٍ﴾ قالَ مُجاهِدٌ وقَتادَةُ: عَلى شَكٍّ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ شاكٍّ في شَيْءٍ فَهو عَلى حَرْفٍ لا يَثْبُتُ ولا يَدُومُ. وبَيانُ هَذا أنَّ القائِمَ عَلى حَرْفِ الشَّيْءِ غَيْرِ مُتَمَكِّنٍ مِنهُ، فَشُبِّهَ بِهِ الشّاكُّ؛ لِأنَّهُ قَلِقٌ في دِينِهِ عَلى غَيْرِ ثَباتٍ، ويُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ أصابَهُ خَيْرٌ﴾؛ أيْ: رَخاءٌ وعافِيَةٌ، ﴿اطْمَأنَّ بِهِ﴾ عَلى عِبادَةِ اللَّهِ، ﴿وَإنْ أصابَتْهُ فِتْنَةٌ﴾ اخْتِبارٌ بِجَدْبٍ وقِلَّةِ مالٍ، ﴿انْقَلَبَ عَلى وجْهِهِ﴾؛ أيْ: رَجَعَ عَنْ دِينِهِ إلى الكُفْرِ، والمَعْنى: انْصَرَفَ إلى وجْهِهِ الَّذِي تُوَجَّهَ مِنهُ، وهو الكُفْرُ. ﴿خَسِرَ الدُّنْيا﴾ حَيْثُ لَمْ يَظْفَرْ بِما أرادَ مِنها، وخَسِرَ " الآخِرَةَ " بِارْتِدادِهِ عَنِ الدِّينِ. وقَرَأ أبُو رَزِينٍ العُقَيْلِيُّ، وأبُو مِجْلَزٍ، ومُجاهِدٌ، وطِلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ، وزَيْدٌ عَنْ يَعْقُوبَ: ( خاسِرَ الدُّنْيا ) بِألِفٍ قَبْلَ السِّينِ، وبِنَصْبِ الرّاءِ، ( والآخِرَةِ ) بِخَفْضِ التّاءِ. ﴿يَدْعُو﴾ هَذا المُرْتَدُّ؛ أيْ: يَعْبُدُ، ﴿ما لا يَضُرُّهُ﴾ إنْ لَمْ يَعْبُدْهُ، ﴿وَما لا يَنْفَعُهُ﴾ إنْ أطاعَهُ، ﴿ذَلِكَ﴾ الَّذِي فَعَلَ، ﴿هُوَ الضَّلالُ البَعِيدُ﴾ عَنِ الحَقِّ، ﴿يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ﴾ قالَ بَعْضُهُمُ: اللّامُ صِلَةٌ، والمَعْنى: يَدْعُو مَن ضَرُّهُ. وحَكى الزَّجّاجُ عَنِ البَصْرِيِّينَ والكُوفِيِّينَ أنَّ اللّامَ مَعْناها التَّأْخِيرُ، والمَعْنى: يَدْعُو مَن لِضُرِّهِ، ﴿أقْرَبُ مِن نَفْعِهِ﴾، قالَ: وشَرْحُ هَذا: أنَّ اللّامَ لِلْيَمِينِ والتَّوْكِيدِ، فَحَقُّها أنْ تَكُونَ أوَّلَ الكَلامِ، فَقُدِّمَتْ لِتُجْعَلَ في حَقِّها. قالَ السُّدِّيُّ: ضُرُّهُ في الآخِرَةِ بِعِبادَتِهِ إيّاهُ أقْرَبُ مِن نَفْعِهِ. فَإنْ قِيلَ: فَهَلْ لِلنَّفْعِ مِن عِبادَةِ الصَّنَمِ وجْهٌ ؟ (p-٤١٢) فالجَوابُ: أنَّهُ لا نَفْعَ مِن قِبَلِهِ أصْلًا، غَيْرَ أنَّهُ جاءَ عَلى لُغَةِ العَرَبِ، وهم يَقُولُونَ في الشَّيْءِ الَّذِي لا يَكُونُ: هَذا بَعِيدٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَبِئْسَ المَوْلى ولَبِئْسَ العَشِيرُ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: المَوْلى: الوَلِيُّ، والعَشِيرُ: الصّاحِبُ والخَلِيلُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب