الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأيُّوبَ إذْ نادى رَبَّهُ﴾؛ أيْ: دَعا رَبَّهُ، ﴿أنِّي﴾ وقَرَأ أبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ: ( إنِّي ) بِكَسْرِ الهَمْزَةِ. ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ وقَرَأ حَمْزَةُ: ( مَسَّنِي ) بِتَسْكِينِ الياءِ؛ أيْ: أصابَنِيَ الجُهْدُ. ﴿وَأنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ﴾؛ أيْ: أكْثَرُهم رَحْمَةً، وهَذا تَعْرِيضٌ مِنهُ بِسُؤالِ الرَّحْمَةِ؛ إذْ أثْنى عَلَيْهِ بِأنَّهُ الأرْحَمُ وسَكَتَ.
الإشارَةُ إلى قِصَّتِهِ
ذَكَرَ أهْلُ التَّفْسِيرِ أنَّ أيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ أغْنى أهْلِ زَمانِهِ، وكانَ كَثِيرَ الإحْسانِ. فَقالَ إبْلِيسُ: يا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلى مالِهِ ووَلَدِهِ - وكانَ لَهُ ثَلاثَةَ عَشَرَ ولَدًا - فَإنْ فَعَلْتَ رَأيْتَهُ كَيْفَ يُطِيعُنِي ويَعْصِيكَ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلى مالِهِ ووَلَدِهِ، فَرَجَعَ إبْلِيسُ فَجَمَعَ شَياطِينَهُ ومَرَدَتَهُ، فَبَعَثَ بَعْضَهم إلى دَوابِّهِ ورُعاتِهِ، فاحْتَمَلُوها حَتّى قَذَفُوها في البَحْرِ، وجاءَ إبْلِيسُ في صُورَةِ قَيِّمِهِ، فَقالَ: يا أيُّوبُ ألا أراكَ تُصَلِّي وقَدْ أقْبَلَتْ رِيحٌ عاصِفٌ، فاحْتَمَلَتْ دَوابَّكَ ورُعاتَها حَتّى قَذَفَتْها في البَحْرِ ؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا حَتّى فَرَغَ مِن صِلاتِهِ، ثُمَّ قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي ثُمَّ قَبِلَهُ مِنِّي، فانْصَرَفَ خائِبًا، ثُمَّ أرْسَلَ بَعْضَ الشَّياطِينِ إلى جِنانِهِ وزُرُوعِهِ فَأحْرَقُوها، وجاءَ فَأخْبَرَهُ، فَقالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأرْسَلَ بَعْضَ الشَّياطِينِ، فَزَلْزَلُوا مَنازِلَ أيُّوبَ وفِيها ولَدُهُ وخَدَمُهُ فَأهْلَكُوهم، وجاءَ فَأخْبَرَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وقالَ لِإبْلِيسَ وهو يَظُنُّهُ قَيِّمَهُ في مالِهِ: لَوْ كانَ فِيكَ خَيْرٌ لَقَبَضَكَ مَعَهم، فانْصَرَفَ خائِبًا، (p-٣٧٦)فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ رَأيْتَ عَبْدِي أيُّوبَ ؟ قالَ: يا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلى جَسَدِهِ فَسَوْفَ تَرى، قِيلَ لَهُ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلى جَسَدِهِ، فَجاءَ فَنَفَخَ في إبْهامِ قَدَمَيْهِ، فاشْتَعَلَ فِيهِ مِثْلَ النّارِ، ولَمْ يَكُنْ في زَمانِهِ أكْثَرُ بُكاءً مِنهُ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعالى، فَلَمّا نَزَلَ بِهِ البَلاءُ لَمْ يَبْكِ مَخافَةَ الجَزَعِ، وبَقِيَ لِسانُهُ لِلذِّكْرِ وقَلْبُهُ لِلْمَعْرِفَةِ والشُّكْرِ، وكانَ يَرى أمْعاءَهُ وعُرُوقَهُ وعِظامَهُ، وكانَ مَرَضُهُ أنَّهُ خَرَجَ في جَمِيعِ جَسَدِهِ ثَآلِيلُ كَألْياتِ الغَنَمِ، ووَقَعَتْ بِهِ حَكَّةٌ لا يَمْلِكُها، فَحَكَّ بِأظْفارِهِ حَتّى سَقَطَتْ، ثُمَّ بِالمُسُوحِ، ثُمَّ بِالحِجارَةِ، فَأُنْتِنَ جِسْمُهُ وتَقَطَّعَ، وأخْرَجَهُ أهْلُ القَرْيَةِ، فَجَعَلُوا لَهُ عَرِيشًا عَلى كُناسَةٍ، ورَفَضَهُ الخَلْقُ سِوى زَوْجَتِهِ، واسْمُها رَحْمَةُ بِنْتُ إفْرايِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، فَكانَتْ تَخْتَلِفُ إلَيْهِ بِما يُصْلِحُهُ. ورَوى أبُو بَكْرٍ القُرَشِيُّ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قالَ: كانَ مَلِكٌ يَظْلِمُ النّاسَ، فَكَلَّمَهُ في ذَلِكَ جَماعَةٌ مِنَ الأنْبِياءِ، وسَكَتَ عَنْهُ أيُّوبُ لِأجْلِ خَيْلٍ كانَتْ لَهُ في سُلْطانِهِ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: تَرَكْتَ كَلامَهُ مِن أجْلِ خَيْلِكَ ؟ لَأُطِيلَنَّ بَلاءَكَ.
واخْتَلَفُوا في مُدَّةِ لُبْثِهِ في البَلاءِ عَلى أرْبَعَةِ أقْوالٍ:
أحَدُها: ثَمانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، رَواهُ أنَسُ بْنُ مالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ .
والثّانِي: سَبْعُ سِنِينَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وكَعْبٌ، ويَحْيى بْنُ أبِي كَثِيرٍ. (p-٣٧٧)
والثّالِثُ: سَبْعُ سِنِينَ وأشْهَرٌ، قالَهُ الحَسَنُ.
والرّابِعُ: ثَلاثُ سِنِينَ، قالَهُ وهْبٌ.
وَفِي سَبَبِ سُؤالِهِ العافِيَةَ سِتَّةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: [ أنَّهُ ] اشْتَهى إدامًا، فَلَمْ تَصُبْهُ امْرَأتُهُ حَتّى باعَتْ قَرْنًا مِن شَعْرِها، فَلَمّا عَلِمَ ذَلِكَ قالَ: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: أنَّ اللَّهَ تَعالى أنْساهُ الدُّعاءَ مَعَ كَثْرَةِ ذِكْرِهِ اللَّهَ، فَلَمّا انْتَهى أجَلُ البَلاءِ، يَسَّرَ لَهُ الدُّعاءَ فاسْتَجابَ لَهُ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّالِثُ: أنَّ نَفَرًا مِن بَنِي إسْرائِيلَ مَرُّوا بِهِ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: ما أصابَهُ هَذا إلّا بِذَنْبٍ عَظِيمٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قالَ: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾، قالَهُ نَوْفٌ البِكِالِيُّ. وقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: كانَ لَهُ أخَوانِ، فَأتَياهُ يَوْمًا، فَوَجَدا رِيحًا، فَقالا: لَوْ كانَ اللَّهُ عَلِمَ مِنهُ خَيْرًا ما بَلَغَ بِهِ كُلُّ هَذا، فَما سَمِعَ شَيْئًا أشَدَّ عَلَيْهِ مِن ذَلِكَ، فَقالَ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي لَمْ أبِتْ لَيْلَةً شَبْعانَ وأنا أعْلَمُ مَكانَ جائِعٍ فَصَدِّقْنِي، فَصُدِّقَ وهُما يَسْمَعانِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي لَمْ ألْبَسْ قَمِيصًا وأنا أعْلَمُ مَكانَ عارٍ فَصَدِّقْنِي، فَصُدِّقَ وهُما يَسْمَعانِ، فَخَرَّ ساجِدًا، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ لا أرْفَعُ رَأْسِي حَتّى تَكْشِفَ ما بِي، فَكَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ ما بِهِ.
والرّابِعُ: أنَّ إبْلِيسَ جاءَ إلى زَوْجَتِهِ بِسَخْلَةٍ، فَقالَ: لِيَذْبَحْ أيُّوبُ هَذِهِ لِي وقَدْ بَرَأ، فَجاءَتْ فَأخْبَرَتْهُ، فَقالَ: إنْ شَفانِي اللَّهُ لِأجْلِدَنَّكِ مِائَةَ جَلْدَةٍ، أمَرْتِنِي أنْ أذْبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ! ثُمَّ طَرَدَها عَنْهُ، فَذَهَبَتْ، فَلَمّا رَأى أنَّهُ لا طَعامَ لَهُ ولا شَرابَ ولا صَدِيقَ، خَرَّ ساجِدًا وقالَ: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾، قالَهُ الحَسَنُ.
والخامِسُ: أنَّ اللَّهَ تَعالى أوْحى إلَيْهِ وهو في عُنْفُوانِ شَبابِهِ: إنِّي مُبْتَلِيكَ، (p-٣٧٨)قالَ: يا رَبِّ؛ وأيْنَ يَكُونُ قَلْبِي ؟ قالَ: عِنْدِي، فَصَبَّ عَلَيْهِ مِنَ البَلاءِ ما سَمِعْتُمْ، حَتّى إذا بَلَغَ البَلاءُ مُنْتَهاهُ، أوْحى إلَيْهِ أنِّي مُعافِيكَ. قالَ: يا رَبِّ؛ وأيْنَ يَكُونُ قَلْبِي ؟ قالَ: عِنْدَكَ. قالَ: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾، قالَهُ إبْراهِيمُ بْنُ شَيْبانَ القَرْمِيسِيُّ فِيما حَدَّثْنا بِهِ عَنْهُ.
والسّادِسُ: أنَّ الوَحْيَ انْقَطَعَ عَنْهُ أرْبَعِينَ يَوْمًا، فَخافَ هِجْرانَ رَبِّهِ، فَقالَ: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ.
فَإنْ قِيلَ: أيْنَ الصَّبْرُ وهَذا لَفْظُ الشَّكْوى ؟
فالجَوابُ: أنَّ الشَّكْوى إلى اللَّهِ لا تُنافِي الصَّبْرَ، وإنَّما المَذْمُومُ الشَّكْوى إلى الخَلْقِ، ألَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ يَعْقُوبَ: ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ [ يُوسُف: ٨٦ ] . قالَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: وكَذَلِكَ مَن شَكا إلى النّاسِ، وهو في شَكْواهُ راضٍ بِقَضاءِ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَزَعًا، ألَمْ تُسْمَعْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِجِبْرِيلَ في مَرَضِهِ: " أجِدُنِي مَغْمُومًا "، و" أجِدُنِي مَكْرُوبًا "، وقَوْلَهُ: " بَلْ أنا وا رَأْساهُ " .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَآتَيْناهُ أهْلَهُ﴾ يَعْنِي: أوْلادَهُ، ﴿وَمِثْلَهم مَعَهُمْ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّ اللَّهَ تَعالى أحْيا لَهُ أهْلَهُ بِأعْيانِهِمْ، وآتاهُ مِثْلَهم مَعَهم في الدُّنْيا، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، والحَسَنُ، وقَتادَةُ. ورَوى أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: كانَتِ (p-٣٧٩)امْرَأتُهُ ولَدَتْ لَهُ سَبْعَةَ بَنِينَ وسَبْعَ بَناتٍ، فَنَشَرُوا لَهُ، ووَلَدَتْ لَهُ امْرَأتُهُ سَبْعَةَ بَنِينَ وسَبْعَ بَناتٍ.
والثّانِي: أنَّهم كانُوا قَدْ غُيِّبُوا عَنْهُ ولَمْ يَمُوتُوا، فَآتاهُ إيّاهم في الدُّنْيا ومِثْلَهم مَعَهم في الآخِرَةِ، رَواهُ هِشامٌ عَنِ الحَسَنِ.
والثّالِثُ: آتاهُ اللَّهُ أُجُورَ أهْلِهِ في الآخِرَةِ، وآتاهُ مِثْلَهم في الدُّنْيا، قالَهُ نَوْفٌ ومُجاهِدٌ.
والرّابِعُ: آتاهُ أهْلَهُ ومِثْلَهم مَعَهم في الآخِرَةِ، حَكاهُ الزَّجّاجُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿رَحْمَةً مِن عِنْدِنا﴾؛ أيْ: فَعَلْنا ذَلِكَ بِهِ رَحْمَةً مِن عِنْدِنا، ﴿وَذِكْرى﴾؛ أيْ: عِظَةٌ لِلْعابِدِينَ. قالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: مَن أصابَهُ بَلاءٌ فَلْيَذْكُرْ ما أصابَ أيُّوبَ، فَلْيَقُلْ: إنَّهُ قَدْ أصابَ مَن هو خَيْرٌ مِنِّي.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَذا الكِفْلِ﴾ اخْتَلَفُوا، هَلْ كانَ نَبِيًّا أمْ لا ؟ عَلى قَوْلَيْنِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، ولَكِنَّهُ كانَ عَبْدًا صالِحًا، قالَهُ أبُو مُوسى الأشْعَرِيُّ ومُجاهِدٌ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أرْبابُ هَذا القَوْلِ في عِلَّةِ تَسْمِيَتِهِ بِذِي الكِفْلِ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّ رَجُلًا كانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ صَلاةٍ فَتُوفِّيَ، فَكَفَلَ بِصَلاتِهِ، فَسُمِّيَ ذا الكِفْلِ، قالَهُ أبُو مُوسى الأشْعَرِيُّ. والثّانِي: أنَّهُ تَكَفَّلَ لِلنَّبِيِّ بِقَوْمِهِ أنْ يَكْفِيَهُ أمْرَهم، ويُقِيمَهُ ويَقْضِيَ بَيْنَهم بِالعَدْلِ، فَفَعَلَ، فَسُمِّيَ ذا الكِفْلِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّالِثُ: أنَّ مَلِكًا قَتَلَ في يَوْمٍ ثَلاثَمِائَةِ نَبِيٍّ، وفَرَّ مِنهُ مِائَةُ نَبِيٍّ، فَكَفَلَهم ذُو الكِفْلِ يُطْعِمُهم ويَسْقِيهِمْ حَتّى أفْلَتُوا، فَسُمِّيَ ذا الكِفْلِ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّهُ كانَ نَبِيًّا، قالَهُ الحَسَنُ وعَطاءٌ. قالَ عَطاءٌ: (p-٣٨٠)أوْحى اللَّهُ تَعالى [ إلى ] نَبِيٍّ مِنَ الأنْبِياءِ: إنِّي أُرِيدُ قَبْضَ رُوحِكَ، فاعْرِضْ مُلْكَكَ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ، فَمَن تَكَفَّلَ لَكَ بِأنَّهُ يُصَلِّي اللَّيْلَ لا يَفْتُرُ، ويَصُومُ النَّهارَ لا يُفْطِرُ، ويَقْضِي بَيْنَ النّاسِ ولا يَغْضَبُ، فادْفَعْ مُلْكَكَ إلَيْهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَقامَ شابٌّ فَقالَ: أنا أتَكَفَّلُ لَكَ بِهَذا، فَتَكَفَّلَ بِهِ، فَوَفّى، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ ونَبَّأهُ، وسُمِّيَ ذا الكِفْلِ. وقَدْ ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في الكِفْلِ: " أنَّهُ كانَ رَجُلًا لا يَنْزِعُ عَنْ ذَنْبٍ، وأنَّهُ خَلا بِامْرَأةٍ لِيَفْجُرَ بِها، فَبَكَتْ وقالَتْ: ما فَعَلْتُ هَذا قَطُّ، فَقامَ عَنْها تائِبًا، وماتَ مِن لَيْلَتِهِ، فَأصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلى بابِهِ: قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لِلْكِفْلِ "»، والحَدِيثُ مَعْرُوفٌ، وقَدْ ذَكَرْتُهُ في " الحَدائِقِ "، فَجَعَلَهُ الثَّعْلَبِيُّ أحَدَ الوُجُوهِ في بَيانِ ذِي الكِفْلِ، وهَذا غَلَطٌ؛ لِأنَّ ذَلِكَ اسْمُهُ الكِفْلُ، والمَذْكُورُ في القُرْآنِ يُقالُ لَهُ: ذُو الكِفْلِ، ولِأنَّ الكِفْلَ ماتَ في لَيْلَتِهِ الَّتِي تابَ فِيها، فَلَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ زَمانٌ طَوِيلٌ يُعالِجُ فِيهِ الصَّبْرَ عَنِ الخَطايا. وإذا قُلْنا: إنَّهُ نَبِيٌّ، فَإنَّ الأنْبِياءَ مَعْصُومُونَ عَنْ مِثْلِ هَذا الحالِ. وذَكَرْتُ هَذا لِشَيْخِنا أبِي الفَضْلِ بْنِ ناصِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى، فَوافَقَنِي، وقالَ: لَيْسَ هَذا بِذاكَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلٌّ مِنَ الصّابِرِينَ﴾؛ أيْ: عَلى طاعَةِ اللَّهِ وتَرْكِ مَعْصِيَتِهِ. ﴿وَأدْخَلْناهم في رَحْمَتِنا﴾ في هَذِهِ الرَّحْمَةِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّها الجَنَّةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: النُّبُوَّةُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّالِثُ: النِّعْمَةُ والمُوالاةُ، حَكاهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ.
{"ayahs_start":83,"ayahs":["۞ وَأَیُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ","فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرࣲّۖ وَءَاتَیۡنَـٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةࣰ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَـٰبِدِینَ","وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِدۡرِیسَ وَذَا ٱلۡكِفۡلِۖ كُلࣱّ مِّنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ","وَأَدۡخَلۡنَـٰهُمۡ فِی رَحۡمَتِنَاۤۖ إِنَّهُم مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ"],"ayah":"فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرࣲّۖ وَءَاتَیۡنَـٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةࣰ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَـٰبِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق