الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ مَن يَكْلَؤُكُمْ﴾ المَعْنى: قُلْ لِهَؤُلاءِ المُسْتَعْجِلِينَ بِالعَذابِ: مَن يَحْفَظُكم مِن بَأْسِ الرَّحْمَنِ إنْ أرادَ إنْزالَهُ بِكم ؟ وهَذا اسْتِفْهامُ إنْكارٍ؛ أيْ: لا أحَدَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. ﴿بَلْ هم عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ﴾؛ أيْ: عَنْ كَلامِهِ ومَواعِظِهِ، ﴿مُعْرِضُونَ﴾ لا يَتَفَكَّرُونَ ولا يَعْتَبِرُونَ. ﴿أمْ لَهم آلِهَةٌ تَمْنَعُهم مِن دُونِنا﴾ فِيهِ تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٌ، وتَقْدِيرُهُ: أمْ لَهم آلِهَةٌ مِن دُونِنا تَمْنَعُهم ؟ وهاهُنا تَمَّ الكَلامُ. ثُمَّ وصَفَ آلِهَتَهم بِالضَّعْفِ، فَقالَ: ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أنْفُسِهِمْ﴾ والمَعْنى: مَن لا يَقْدِرُ عَلى نَصْرِ نَفْسِهِ عَمّا يُرادُ بِهِ، فَكَيْفَ يَنْصُرُ غَيْرَهُ ؟ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا هُمْ﴾ في المُشارِ إلَيْهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُمَ الكُفّارُ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهُمُ الأصْنامُ، قالَهُ قَتادَةُ. وَفِي مَعْنى ﴿يُصْحَبُونَ﴾ أرْبَعَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: يُجارُونَ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والمَعْنى: لا يُجِيرُهم مِنّا أحَدٌ؛ لِأنَّ المُجِيرَ صاحِبٌ لِجارِهِ. والثّانِي: يُمْنَعُونَ، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: يُنْصَرُونَ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والرّابِعُ: لا يُصْحَبُونَ بِخَيْرٍ، قالَهُ قَتادَةُ. ثُمَّ بَيَّنَ اغْتِرارَهم بِالإمْهالِ، فَقالَ: ﴿بَلْ مَتَّعْنا هَؤُلاءِ وآباءَهُمْ﴾ يَعْنِي: أهْلَ مَكَّةَ، ﴿حَتّى طالَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ﴾ فاغْتَرُّوا بِذَلِكَ، ﴿أفَلا يَرَوْنَ أنّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُها (p-٣٥٤)مِن أطْرافِها﴾ قَدْ شَرَحْناهُ في ( الرَّعْدِ: ٤١ )، ﴿أفَهُمُ الغالِبُونَ﴾؛ أيْ: مَعَ هَذِهِ الحالِ، وهو نَقْصُ الأرْضِ، والمَعْنى: لَيْسُوا بِغالِبِينَ ولَكِنَّهُمَ المَغْلُوبُونَ. ﴿قُلْ إنَّما أُنْذِرُكُمْ﴾؛ أيْ: أُخَوِّفُكم، ﴿بِالوَحْيِ﴾؛ أيْ: بِالقُرْآنِ، والمَعْنى: إنَّنِي ما جِئْتُ بِهِ مِن تِلْقاءِ نَفْسِي، إنَّما أُمِرْتُ فَبَلَّغْتُ. ﴿وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ﴾ وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ: ( ولا تُسْمِعُ ) بِالتّاءِ مَضْمُومَةً ( الصُّمَّ ) نَصْبًا. وقَرَأ ابْنُ يَعْمُرَ والحَسَنُ: ( ولا يُسْمَعُ ) بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ المِيمِ ( الصُّمُّ ) بِضَمِّ المِيمِ. شَبَّهَ الكُفّارَ بِالصُّمِّ الَّذِينَ لا يَسْمَعُونَ نِداءَ مُنادِيهِمْ، ووَجْهُ التَّشْبِيهِ أنَّ هَؤُلاءِ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِما سَمِعُوا، كالصُّمِّ لا يُفِيدُهم صَوْتُ مُنادِيهِمْ. ﴿وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ﴾؛ أيْ: أصابَتْهم، ﴿نَفْحَةٌ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: طَرَفَ. وقالَ الزَّجّاجُ: المُرادُ: أدْنى شَيْءٍ مِنَ العَذابِ، ﴿لَيَقُولُنَّ يا ويْلَنا﴾ والوَيْلُ يُنادِي بِهِ كُلُّ مَن وقَعَ في هَلَكَةٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب