الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ أرَيْناهُ﴾ يَعْنِي: فِرْعَوْنَ، ﴿آياتِنا كُلَّها﴾ يَعْنِي: التِّسْعَ الآياتِ، ولَمْ يَرَ كُلَّ آيَةٍ لِلَّهِ لِأنَّها لا تُحْصى، ﴿فَكَذَّبَ﴾؛ أيْ: نَسَبَ الآياتِ إلى الكَذِبِ وقالَ: هَذا سِحْرٌ، ﴿وَأبى﴾ أنْ يُؤْمِنَ، ﴿قالَ أجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِن أرْضِنا﴾ يَعْنِي: مِصْرَ، ﴿بِسِحْرِكَ﴾؛ أيْ: تُرِيدُ أنْ تَغْلِبَ عَلى دِيارِنا بِسِحْرِكَ فَتَمْلِكُها وتُخْرِجُنا مِنها، ﴿فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ﴾؛ أيْ: فَلْنُقابِلَنَّ ما جِئْتَ بِهِ مِنَ السِّحْرِ بِمِثْلِهِ، ﴿فاجْعَلْ بَيْنَنا وبَيْنَكَ مَوْعِدًا﴾؛ أيِ: اضْرِبْ بَيْنَنا وبَيْنَكَ أجَلًا ومِيقاتًا، ﴿لا نُخْلِفُهُ﴾؛ أيْ: لا نُجاوِزُهُ، ﴿نَحْنُ ولا أنْتَ مَكانًا﴾ وقِيلَ: المَعْنى: اجْعَلْ بَيْنَنا وبَيْنَكَ مَوْعِدًا مَكانًا نَتَواعَدُ لِحُضُورِنا ذَلِكَ المَكانَ، ولا يَقَعُ مِنّا خِلافٌ في حُضُورِهِ. ﴿سُوًى﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، والكِسائِيُّ بِكَسْرِ السِّينِ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ، وحَمْزَةُ، وخَلَفٌ، ويَعْقُوبُ: ( سُوًى ) بِضَمِّها. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وأبُو المُتَوَكِّلِ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: ( مَكانًا سَواءً ) بِالمَدِّ والهَمْزِ والنَّصْبِ والتَّنْوِينِ وفَتْحِ السِّينِ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ، إلّا أنَّهُ كَسَرَ السِّينَ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: هو اسْمٌ لِلْمَكانِ النِّصْفِ فِيما بَيْنُ الفَرِيقَيْنِ، والمَعْنى: مَكانًا تَسْتَوِي مَسافَتُهُ عَلى الفَرِيقَيْنِ، فَتَكُونُ مَسافَةُ كُلِّ فَرِيقٍ إلَيْهِ كَمَسافَةِ الفَرِيقِ الآخَرِ. ﴿قالَ مَوْعِدُكم يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ قَرَأ الجُمْهُورُ بِرَفْعِ المِيمِ. وقَرَأ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، [ وقَتادَةُ ]، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ، وهُبَيْرَةُ عَنْ حَفْصٍ بِنَصْبِ المِيمِ. وفي هَذا اليَوْمِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: يَوْمُ عِيدٍ لَهم، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والسُّدِّيُّ عَنْ أشْياخِهِ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، وابْنُ زَيْدٍ. (p-٢٩٥)
والثّانِي: يَوْمُ عاشُوراءَ، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّالِثُ: يَوْمُ النَّيْرُوزِ، ووافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ أوَّلَ يَوْمٍ مِنَ السَّنَةِ، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والرّابِعُ: يَوْمُ سُوقٍ لَهم، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
وَأمّا رَفْعُ اليَوْمِ، فَقالَ البَصْرِيُّونَ: التَّقْدِيرُ: وقْتُ مَوْعِدِكم يَوْمُ الزِّينَةِ، فَنابَ المَوْعِدُ عَنِ الوَقْتِ، وارْتَفَعَ بِهِ ما كانَ يَرْتَفِعُ بِالوَقْتِ إذا ظَهَرَ. فَأمّا نَصْبُهُ، فَقالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: مَوْعِدُكم يَقَعُ يَوْمَ الزِّينَةِ. ﴿وَأنْ يُحْشَرَ النّاسُ﴾ مَوْضِعُ " أنْ " رَفْعٌ، المَعْنى: مَوْعِدُكم حَشْرُ النّاسِ، ﴿ضُحًى﴾؛ أيْ: إذا رَأيْتُمُ النّاسَ قَدْ حُشِرُوا ضُحًى. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ " أنْ " في مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا عَلى الزِّينَةِ، المَعْنى: مَوْعِدُكم يَوْمَ الزِّينَةِ ويَوْمَ حَشْرِ النّاسِ ضُحًى. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ يَعْمُرَ، وعاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ: ( وأنْ تَحْشُرَ ) بِتاءٍ مَفْتُوحَةٍ ورَفْعِ الشِّينِ ونَصْبِ ( النّاسِ ) . وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ والنَّخَعِيِّ: ( وأنْ يَحْشُرَ ) بِالياءِ المَفْتُوحَةِ ورَفْعِ الشِّينِ ونَصْبِ ( النّاسِ ) .
قالَ المُفَسِّرُونَ: أرادَ بِالنّاسِ: أهْلَ مِصْرَ، وبِالضُّحى: ضُحى اليَوْمِ، وإنَّما عَلَّقَهُ بِالضُّحى لِيَتَكامَلَ ضَوْءُ الشَّمْسِ واجْتِماعِ النّاسِ، فَيَكُونُ أبْلَغَ في الحُجَّةِ وأبْعَدَ مِنَ الرِّيبَةِ.
﴿فَتَوَلّى فِرْعَوْنُ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّ المَعْنى: تَوَلّى عَنِ الحَقِّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ.
والثّانِي: أنَّهُ انْصَرَفَ إلى مَنزِلِهِ لِاسْتِعْدادِ ما يَلْقى بِهِ مُوسى. ﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾؛ أيْ: مَكْرَهُ وحِيلَتَهُ، ﴿ثُمَّ أتى﴾؛ أيْ: حَضَرَ المَوْعِدُ. ﴿قالَ لَهم مُوسى﴾؛ أيْ: لِلسَّحَرَةِ. وقَدْ ذَكَرْنا عَدَدَهم في ( الأعْرافِ: ١١٤ ) . (p-٢٩٦)
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيْلَكُمْ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: هو مَنصُوبٌ عَلى ( ألْزَمَكُمُ اللَّهُ ويْلًا )، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَلى النِّداءِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا ويْلَنا مَن بَعَثَنا مَن مَرْقَدِنا﴾ [ يس: ٥٢ ] .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَفْتَرُوا عَلى اللَّهِ كَذِبًا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لا تُشْرِكُوا مَعَهُ أحَدًا.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَيُسْحِتَكُمْ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: ( فَيَسْحَتَكم ) بِفَتْحِ الياءِ مِن ( سَحَتَ ) . وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: ( فَيُسْحِتَكم ) بِضَمِّ الياءِ مِن ( أسْحَتَ ) . قالَ الفَرّاءُ: ويُسْحِتُ أكْثَرُ، وهو الِاسْتِئْصالُ، والعَرَبُ تَقُولُ: سَحَتَهُ اللَّهُ، وأسْحَتَهُ، قالَ الفَرَزْدَقُ:
؎ وعَضُّ زَمانٍ يابْنَ مَرْوانَ لَمْ يَدَعْ مِنَ المالِ إلّا مُسْحَتًا أوْ مُجَلَّفُ
هَكَذا أنْشَدَ البَيْتَ الفَرّاءُ والزَّجّاجُ. ورَواهُ أبُو عُبَيْدَةَ: ( إلّا مُسْحَتٌ أوْ مُجَلَّفُ ) بِالرَّفْعِ. (p-٢٩٧)
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَتَنازَعُوا أمْرَهم بَيْنَهُمْ﴾ يَعْنِي: السَّحَرَةُ تُناظِرُوا فِيما بَيْنَهم في أمْرِ مُوسى وتَشاوَرُوا، ﴿وَأسَرُّوا النَّجْوى﴾؛ أيْ: أخْفَوْا كَلامَهم مِن فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ. وقِيلَ: مِن مُوسى وهارُونَ. وقِيلَ: ﴿أسَرُّوا﴾ هاهُنا بِمَعْنى: أظْهَرُوا.
وَفِي ذَلِكَ الكَلامِ الَّذِي جَرى بَيْنَهم ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهم قالُوا: إنْ كانَ هَذا ساحِرًا فَإنّا سَنَغْلِبُهُ، وإنْ يَكُنْ مِنَ السَّماءِ كَما زَعَمْتُمْ فَلَهُ أمْرُهُ، قالَهُ قَتادَةُ.
والثّانِي: أنَّهم لَمّا سَمِعُوا كَلامَ مُوسى قالُوا: ما هَذا بِقَوْلِ ساحِرٍ، ولَكِنَّ هَذا كَلامُ الرَّبِّ الأعْلى، فَعَرَفُوا الحَقَّ، ثُمَّ نَظَرُوا إلى فِرْعَوْنَ وسُلْطانِهِ، وإلى مُوسى وعَصاهُ، فَنُكِسُوا عَلى رُؤُوسِهِمْ وقالُوا: ﴿إنْ هَذانِ لَساحِرانِ﴾، قالَهُ الضَّحّاكُ ومُقاتِلٌ.
والثّالِثُ: أنَّهم قالُوا: " ﴿إنْ هَذانِ لَساحِرانِ﴾ . . . " الآياتِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
واخْتَلَفَ القُرّاءُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنْ هَذانِ لَساحِرانِ﴾، فَقَرَأ أبُو عَمْرٍو بْنُ العَلاءِ: ( إنَّ هَذَيْنَ ) عَلى إعْمالِ ( إنَّ )، وقالَ: إنِّي لَأسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أنْ أقْرَأ ( إنَّ هَذانِ ) . وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ: ( إنْ ) خَفِيفَةً ( هَذانِّ ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ. وقَرَأ عاصِمٌ في رِوايَةِ حَفْصٍ: ( إنْ ) خَفِيفَةً ( هَذانِ ) خَفِيفَةً أيْضًا. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: ( إنَّ ) بِالتَّشْدِيدِ ( هاذانِ ) بِألِفٍ ونُونٍ خَفِيفَةٍ. فَأمّا قِراءَةُ أبِي عَمْرٍو فاحْتِجاجُهُ في مُخالَفَةِ المُصْحَفِ بِما رُوِيَ عَنْ عُثْمانَ وعائِشَةَ، أنَّ هَذا مِن غَلَطِ الكاتِبِ عَلى ما حَكَيْناهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿والمُقِيمِينَ الصَّلاةَ﴾ في سُورَةِ [ النِّساءِ: ١٦٢ ] . وأمّا قِراءَةُ عاصِمٍ فَمَعْناها: ما هَذانِ إلّا ساحِرانِ، (p-٢٩٨)كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الكاذِبِينَ﴾ [ الشُّعَراء: ١٨٦ ]؛ أيْ: ما نَظُنُّكَ إلّا مِنَ الكاذِبِينَ، وأنْشَدُوا في ذَلِكَ:
؎ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ إنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِمًا ∗∗∗ حَلَّتْ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ المُتَعَمِّدِ
أيْ: ما قَتَلْتَ إلّا مُسْلِمًا. قالَ الزَّجّاجُ: ويَشْهَدُ لِهَذِهِ القِراءَةِ ما رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أنَّهُ قَرَأ: ( ما هَذانِ إلّا ساحِرانِ )، ورُوِيَ عَنْهُ: ( إنْ هَذانِ إلّا ساحِرانِ )، ورُوِيَتْ عَنِ الخَلِيلِ: ( إنْ هَذانِ ) بِالتَّخْفِيفِ، والإجْماعُ عَلى أنَّهُ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ أعْلَمَ بِالنَّحْوِ مِنَ الخَلِيلِ. فَأمّا قِراءَةُ الأكْثَرِينَ بِتَشْدِيدِ ( إنْ ) وإثْباتِ الألِفِ في قَوْلِهِ: ( هَذانِ )، فَرَوى عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: هي لُغَةُ بَلْحارِثِ بْنِ كَعْبٍ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: هي لُغَةٌ لِبَنِي الحارِثِ بْنِ كَعْبٍ وافَقَتْها لُغَةُ قُرَيْشٍ. قالَ الزَّجّاجُ: وحَكى أبُو عُبَيْدَةَ عَنْ أبِي الخَطّابِ، وهو رَأْسٌ مِن رُؤُوسِ الرُّواةِ: أنَّها لُغَةٌ لِكِنانَةَ، يَجْعَلُونَ ألِفَ الِاثْنَيْنِ في الرَّفْعِ والنَّصْبِ والخَفْضِ عَلى لَفْظٍ واحِدٍ، يَقُولُونَ: أتانِي الزَّيْدانِ، ورَأيْتُ الزَّيْدانِ، ومَرَرْتُ بِالزَّيْدانِ، وأنْشَدُوا:
؎ فَأطْرَقَ إطْراقَ الشُّجاعِ ولَوْ رَأى ∗∗∗ مَساغًا لَناباهُ الشُّجاعُ لَصَمَّما
وَيَقُولُ هَؤُلاءِ: ضَرَبْتُهُ بَيْنَ أُذُناهُ. وقالَ النَّحْوِيُّونَ القُدَماءُ: هاهُنا هاءٌ مُضْمَرَةٌ، (p-٢٩٩)المَعْنى: إنَّهُ هَذانِ لَساحِرانِ. وقالُوا أيْضًا: إنَّ مَعْنى ( إنْ ): نَعَمْ هَذانِ لَساحِرانِ، ويُنْشِدُونَ:
؎ ويَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلا ∗∗∗ كَ وقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ إنَّهْ
قالَ الزَّجّاجُ: والَّذِي عِنْدِي وكُنْتُ عَرَضْتُهُ عَلى عالِمِنا مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، وعَلى إسْماعِيلَ بْنِ إسْحاقَ بْنِ حَمّادِ بْنِ زَيْدٍ، فَقَبِلاهُ وذَكَرا أنَّهُ أجْوَدُ ما سَمِعْناهُ في هَذا، وهو أنَّ ( إنْ ) قَدْ وقَعَتْ مَوْقِعَ ( نَعَمْ )، والمَعْنى: نَعَمْ هَذانِ لَهُما السّاحِرانِ، ويَلِي هَذا في الجَوْدَةِ مَذْهَبُ بَنِي كِنانَةَ، وأسْتَحْسِنُ هَذِهِ القِراءَةَ؛ لِأنَّها مَذْهَبُ أكْثَرِ القُرّاءِ وبِها يُقْرَأُ، وأسْتَحْسِنُ قِراءَةَ عاصِمٍ والخَلِيلِ؛ لِأنَّهُما إمامانِ ولِأنَّهُما وافَقا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ في المَعْنى، ولا أُجِيزُ قِراءَةَ أبِي عَمْرٍو لِخِلافِ المُصْحَفِ. وحَكى ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنِ الفَرّاءِ، قالَ: ألِفُ ( هَذانِ ) هي ألِفُ ( هَذا )، والنُّونُ فَرَّقَتْ بَيْنَ الواحِدِ والتَّثْنِيَةِ، كَما فَرَّقَتْ نُونُ ( الَّذِينَ ) بَيْنَ الواحِدِ والجَمْعِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ﴾ ؟ وقَرَأ أبانُ عَنْ عاصِمٍ: ( ويُذْهِبا ) بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ الهاءِ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وأبُو رَجاءٍ العُطارِدِيُّ: ( ويَذْهَبا بِالطَّرِيقَةِ ) بِألِفٍ ولامٍ مَعَ حَذْفِ الكافِ والمِيمِ.
وَفِي الطَّرِيقَةِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: بِدِينِكُمَ المُسْتَقِيمِ، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: بِسُنَّتِكم ودِينِكم وما أنْتُمْ عَلَيْهِ، يُقالُ: فُلانٌ حَسَنُ الطَّرِيقَةِ. (p-٣٠٠)
والثّانِي: بِأمْثَلِكم، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وقالَ مُجاهِدٌ: بِأُولِي العَقْلِ والأشْرافِ والأسْنانِ. وقالَ الشَّعْبِيُّ: يَصْرِفانِ وُجُوهَ النّاسِ إلَيْهِما. قالَ الفَرّاءُ: الطَّرِيقَةُ: الرِّجالُ الأشْرافُ، تَقُولُ العَرَبُ لِلْقَوْمِ الأشْرافِ: هَؤُلاءِ طَرِيقَةُ قَوْمِهِمْ، وطَرائِقُ قَوْمِهِمْ.
فَأمّا ﴿المُثْلى﴾ فَقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: هي تَأْنِيثُ الأمْثَلِ، تَقُولُ في الإناثِ: خُذِ المُثْلى مِنهُما، وفي الذُّكُورِ: خُذِ الأمْثَلَ. وقالَ الزَّجّاجُ: ومَعْنى المُثْلى والأمْثَلِ: ذُو الفَضْلِ الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقُّ أنْ يُقالَ: هَذا أمْثَلُ قَوْمِهِ، قالَ: والَّذِي عِنْدِي أنَّ في الكَلامِ مَحْذُوفًا، والمَعْنى: يَذْهَبا بِأهْلِ طَرِيقَتِكُمَ المُثْلى، وقَوْلُ العَرَبِ: هَذا طَرِيقَةُ قَوْمِهِ؛ أيْ: صاحِبُ طَرِيقَتِهِمْ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأجْمِعُوا كَيْدَكُمْ﴾ قَرَأ الأكْثَرُونَ: ( فَأجْمِعُوا ) بِقَطْعِ الألَفِ مِن ( أجْمَعْتُ )، والمَعْنى: يَكُونُ عَزْمُكم مُجْمَعًا عَلَيْهِ، لا تَخْتَلِفُوا فَيَخْتَلُّ أمْرُكم. قالَ الفَرّاءُ: والإجْماعُ: الإحْكامُ والعَزِيمَةُ عَلى الشَّيْءِ، تَقُولُ: أجْمَعَتُ عَلى الخُرُوجِ، وأجْمَعْتُ الخُرُوجَ، تُرِيدُ: أزْمَعْتُ، قالَ الشّاعِرُ:
؎ يا لَيْتَ شِعْرِي والمُنى لا تَنْفَعُ ∗∗∗ هَلْ أغْدُوَنْ يَوْمًا وأمْرِيَ مُجْمَعُ
يُرِيدُ: قَدْ أُحَكِّمُ وأعْزِمُ عَلَيْهِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو: ( فَأجْمَعُوا ) بِفَتْحِ المِيمِ مِن ( جَمَعْتُ )، يُرِيدُ: لا تَدَعُوا مِن كَيْدِكم شَيْئًا إلّا جِئْتُمْ بِهِ، فَأمّا كَيْدُهم، فالمُرادُ بِهِ: سِحْرُهم ومَكْرُهم.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا﴾؛ أيْ: مُصْطَفِّينَ مُجْتَمِعِينَ؛ لِيَكُونَ أنْظَمَ لِأُمُورِكم وأشَدَّ لِهَيْبَتِكم. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: ﴿صَفًّا﴾؛ أيْ: صُفُوفًا. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: " صَفّا " بِمَعْنى: جَمْعًا. قالَ الحَسَنُ: كانُوا خَمْسَةً وعِشْرِينَ صَفًّا، كُلُّ ألْفِ ساحِرٍ صَفٌّ. (p-٣٠١)٥٠ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقَدْ أفْلَحَ اليَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فازَ مَن غَلَبَ.
{"ayahs_start":56,"ayahs":["وَلَقَدۡ أَرَیۡنَـٰهُ ءَایَـٰتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ","قَالَ أَجِئۡتَنَا لِتُخۡرِجَنَا مِنۡ أَرۡضِنَا بِسِحۡرِكَ یَـٰمُوسَىٰ","فَلَنَأۡتِیَنَّكَ بِسِحۡرࣲ مِّثۡلِهِۦ فَٱجۡعَلۡ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكَ مَوۡعِدࣰا لَّا نُخۡلِفُهُۥ نَحۡنُ وَلَاۤ أَنتَ مَكَانࣰا سُوࣰى","قَالَ مَوۡعِدُكُمۡ یَوۡمُ ٱلزِّینَةِ وَأَن یُحۡشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحࣰى","فَتَوَلَّىٰ فِرۡعَوۡنُ فَجَمَعَ كَیۡدَهُۥ ثُمَّ أَتَىٰ","قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَیۡلَكُمۡ لَا تَفۡتَرُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبࣰا فَیُسۡحِتَكُم بِعَذَابࣲۖ وَقَدۡ خَابَ مَنِ ٱفۡتَرَىٰ","فَتَنَـٰزَعُوۤا۟ أَمۡرَهُم بَیۡنَهُمۡ وَأَسَرُّوا۟ ٱلنَّجۡوَىٰ","قَالُوۤا۟ إِنۡ هَـٰذَ ٰنِ لَسَـٰحِرَ ٰنِ یُرِیدَانِ أَن یُخۡرِجَاكُم مِّنۡ أَرۡضِكُم بِسِحۡرِهِمَا وَیَذۡهَبَا بِطَرِیقَتِكُمُ ٱلۡمُثۡلَىٰ","فَأَجۡمِعُوا۟ كَیۡدَكُمۡ ثُمَّ ٱئۡتُوا۟ صَفࣰّاۚ وَقَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡیَوۡمَ مَنِ ٱسۡتَعۡلَىٰ"],"ayah":"وَلَقَدۡ أَرَیۡنَـٰهُ ءَایَـٰتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











