الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ إنْ كانَتْ لَكُمُ الدّارُ الآخِرَةُ﴾ كانَتِ اليَهُودُ تَزْعُمُ أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمْ يَخْلُقِ الجَنَّةَ إلّا لِإسْرائِيلَ ووَلَدِهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ. ومِنَ الدَّلِيلِ عَلى عِلْمِهِمْ بِأنَّ النَّبِيَّ ﷺ صادِقٌ، أنَّهم ما تَمَنَّوُا المَوْتَ، وأكْبَرُ الدَّلِيلِ عَلى صِدْقِهِ أنَّهُ أخْبَرَ أنَّهم لا يَتَمَنَّوْنَهُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ﴾ فَما تَمَنّاهُ أحَدٌ مِنهم. والَّذِي قَدَّمَتْهُ أيْدِيهِمْ: قَتْلُ الأنْبِياءِ وتَكْذِيبُهم، وتَبْدِيلُ التَّوْراةِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ﴾ اللّامُ: لامُ القَسَمِ، والنُّونُ تَوْكِيدٌ لَهُ، والمَعْنى: ولَتَجِدَنَّ اليَهُودَ في حالِ دُعائِهِمْ إلى تَمَنِّي المَوْتِ أحْرَصَ النّاسِ عَلى حَياةٍ، وأحْرَصَ مِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا. وفي "الَّذِينَ أشْرَكُوا" قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ المَجُوسُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ قُتَيْبَةَ، (p-١١٧)والزَّجّاجُ. والثّانِي: مُشْرِكُو العَرَبِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوَدُّ أحَدُهُمْ﴾ في الهاءِ والمِيمِ مِن "أحَدِهِمْ" قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها تَعُودُ عَلى الَّذِينَ أشْرَكُوا، قالَهُ الفَرّاءُ. والثّانِي: تَرْجِعُ إلى اليَهُودِ، قالَ مُقاتِلٌ. قالَ الزَّجّاجُ: وإنَّما ذَكَرَ "ألْفَ سَنَةٍ" لِأنَّها نِهايَةٌ ما كانَتِ المَجُوسُ تَدْعُو بِها لِمُلُوكِها، كانَ المَلِكُ يَحْيا بِأنْ يُقالَ: لَهُ عِشْ ألْفَ نَيْرُوزَ، وألْفَ مَهْرَجانَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما هُوَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ ذَكَرَهُما الزَّجّاجُ، أحَدُهُما: أنَّهُ كِنايَةٌ عَنْ أحَدِهِمُ الَّذِي جَرى ذِكْرُهُ، تَقْدِيرُهُ: وما أحَدُهم بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذابِ تَعْمِيرُهُ. والثّانِي: أنْ يَكُونَ هو كِنايَةٌ عَمّا جَرى مِنَ التَّعْمِيرِ، فَيَكُونُ المَعْنى: وما تَعْمِيرُهُ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذابِ، ثُمَّ جَعَلَ "أنْ يُعَمَّرَ" مُبَيِّنًا عَنْهُ، كَأنَّهُ قالَ: ذَلِكَ الشَّيْءُ الدَّنِيءُ لَيْسَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب