الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذْ أخَذْنا مِيثاقَكم ورَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكم بِقُوَّةٍ واذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ الخِطابُ بِهَذِهِ الآَيَةِ لِلْيَهُودِ. والمِيثاقُ: مِفْعالٌ مِنَ التَّوَثُّقِ بِيَمِينٍ أوْ عَهْدٍ أوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي تُؤَكِّدُ القَوْلَ. وَفِي هَذا المِيثاقِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ أخَذَ مِيثاقَهم أنْ يَعْمَلُوا بِما في التَّوْراةِ، فَكَرِهُوا الإقْرارَ بِما فِيها، فَرَفَعَ عَلَيْهِمُ الجَبَلَ، قالَهُ مُقاتِلٌ. قالَ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ: أعْطُوا اللَّهَ عَهْدًا لِيَعْمَلُنَّ بِما في التَّوْراةِ، فَلَمّا جاءَ بِها مُوسى قَرَءُوا ما فِيها مِنَ التَّثْقِيلِ، امْتَنَعُوا مِن أخْذِها، فَرَفَعَ الطُّورَ عَلَيْهِمْ. والثّانِي: أنَّهُ ما أخَذَهُ اللَّهُ تَعالى عَلى الرُّسُلِ وتابِعِيهِمْ مِنَ الإيمانِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ. والثّالِثُ: ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ أيْضًا، فَقالَ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المِيثاقُ يَوْمَ أخَذَ الذُّرِّيَّةَ مِن ظَهْرِ آَدَمَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الطَّوْرُ في كَلامِ العَرَبِ: الجَبَلُ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الطَّوْرُ: الجَبَلُ بِالسُّرْيانِيَّةِ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ما أُنْبِتَ مِنَ الجِبالِ فَهو طُورٌ، وما لَمْ يَنْبُتْ فَلَيْسَ بِطُورٍ. وَأيُّ الجِبالِ هُوَ؟ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُهُما: جَبَلٌ مِن جِبالِ فِلِسْطِينَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: جَبَلٌ نَزَلُوا بِأصْلِهِ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّالِثُ: الجَبَلُ الَّذِي تَجَلّى لَهُ رَبُّهُ قالَهُ مُجاهِدٌ. وَجُمْهُورُ العُلَماءِ عَلى أنَّهُ إنَّما رَفَعَ الجَبَلَ عَلَيْهِمْ لِإبائِهِمُ التَّوْراةَ. وقالَ السُّدِّيُّ: لِإبائِهِمُ دُخُولَ الأرْضِ المُقَدَّسَةِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿خُذُوا ما آتَيْناكم بِقُوَّةٍ﴾ . وَفِي المُرادِ بِالقُوَّةِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: الجِدُّ والِاجْتِهادُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ، والسُّدِّيُّ. والثّانِي: الطّاعَةُ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ. والثّالِثُ: العَمَلُ بِما فِيهِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والرّابِعُ: الصِّدْقُ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. (p-٩٤)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واذْكُرُوا ما فِيهِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: اذْكُرُوا ما تَضَمَّنَهُ مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: مَعْناهُ: ادْرُسُوا ما فِيهِ، قالَهُ الزَّجّاجُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: تَتَّقُونَ العُقُوبَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب