الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْنا اهْبِطُوا مِنها جَمِيعًا فَإمّا يَأْتِيَنَّكم مِنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ﴾: فِي إعادَةِ ذِكْرِ الهُبُوطِ- وقَدْ تَقَدَّمَ- قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ أُعِيدَ لِأنَّ آَدَمَ أُهْبِطَ إهْباطَيْنِ، أحَدُهُما مِنَ الجَنَّةِ إلى السَّماءِ، والثّانِي مِنَ السَّماءِ إلى الأرْضِ. وأيُّهُما الإهْباطُ المَذْكُورُ في هَذِهِ الآَيَةِ؟ فِيهِ قَوْلانِ. والثّانِي: أنَّهُ إنَّما كَرَّرَ الهُبُوطَ تَوْكِيدًا. (p-٧١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإمّا﴾ قالَ الزَّجّاجُ: هَذِهِ "إنَّ" الَّتِي لِلْجَزاءِ، ضُمَّتْ إلَيْها "ما" والأصْلُ في اللَّفْظِ "إنَّ ما" مَفْصُولَةٌ، ولَكِنَّها مُدْغَمَةٌ، وكُتِبَتْ عَلى الإدْغامِ، فَإذا ضُمَّتْ "ما" إلى "إنْ" لَزِمَ الفِعْلُ النُّونَ الثَّقِيلَةَ أوِ الخَفِيفَةَ. وإنَّما تَلْزَمُهُ النُّونُ لِأنَّ "ما" تَدْخُلُ مُؤَكَّدَةً، ودَخَلَتِ النُّونُ مُؤَكَّدَةً أيْضًا، كَما لَزِمَتِ اللّامُ النُّونَ في القَسَمِ في قَوْلِكَ: واللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ، وجَوابُ الجَزاءِ الفاءُ. وَفِي المُرادِ بِـ "الهُدى" هاهُنا قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ الرَّسُولُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُقاتِلٌ. والثّانِي: الكِتابُ، حَكاهُ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ . وَقَرَأ يَعْقُوبُ: فَلا خَوْفَ: بِفَتْحِ الفاءِ مِن غَيْرِ تَنْوِينٍ، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ بِضَمِّ الفاءِ مِن غَيْرِ تَنْوِينٍ. والمَعْنى: فَلا خَوْفَ عَلَيْهِمْ فِيما يَسْتَقْبِلُونَ مِنَ العَذابِ، ولا هم يَحْزَنُونَ عِنْدَ المَوْتِ. والخَوْفُ لِأمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، والحُزْنُ لِأمْرٍ ماضٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب