الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إلَيْهِ مِن رَبِّهِ﴾ رَوى البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ في "صَحِيحِيهِما" مِن حَدِيثِ أبِي مَسْعُودٍ البَدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أنَّهُ قالَ: « "الآَيَتانِ مِن آَخَرِ سُورَةِ البَقَرَةِ مَن قَرَأهُما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ"» قالَ أبُو بَكْرٍ النَّقّاشُ: مَعْناهُ: كَفَتاهُ عَنْ قِيامِ اللَّيْلِ. (p-٣٤٥)وَقِيلَ: إنَّهُما نَزَلَتا عَلى سَبَبٍ، وهو ما رَوى العَلاءُ عَنْ أبِيهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «لَمّا أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وَإنْ تُبْدُوا ما في أنْفُسِكم أوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكم بِهِ اللَّهُ﴾ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلى أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ [فَأتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ جَثَوا عَلى الرُّكَبِ ] فَقالُوا: قَدْ أنْزَلَ عَلَيْكَ هَذِهِ الآَيَةَ ولا نُطِيقُها، فَقالَ: "أتُرِيدُونَ أنْ تَقُولُوا كَما قالَ أهْلُ الكِتابَيْنِ مَن قَبْلِكم سَمِعْنا وعَصَيْنا؟ قُولُوا: سَمِعْنا وأطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ" فَلَمّا قالُوها وذَلَّتْ بِها ألْسِنَتُهم، أنْزَلَ اللَّهُ في أثَرِها ﴿آمَنَ الرَّسُولُ﴾» قالَ الزَّجّاجُ: لَمّا ذَكَرَ ما تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ مِنَ القِصَصِ والأحْكامِ، خَتَمَها بِتَصْدِيقِ نَبِيِّهِ، والمُؤْمِنِينَ. وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ (وَكِتابِهِ) فَقِيلَ لَهُ في ذَلِكَ، فَقالَ: كِتابٌ أكْثَرُ مِن كُتُبٍ، ذَهَبَ بِهِ إلى اسْمِ الجِنْسِ، كَما تَقُولُ: كَثُرَ الدِّرْهَمُ في أيْدِي النّاسِ، وقَدْ وافَقَ ابْنَ عَبّاسٍ وفي قِراءَتِهِ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ، وكَذَلِكَ في (التَّحْرِيمِ)، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وعاصِمٌ في رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ، وابْنِ عامِرٍ (وَكُتُبِهِ) هاهُنا بِالجَمْعِ، وفي (التَّحْرِيمِ) بِالتَّوْحِيدِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو بِالجَمْعِ في المَوْضِعَيْنِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ﴾ قَرَأ أبُو عَمْرٍو ما أُضِيفَ إلى مُكَنّى عَلى حَرْفَيْنِ مِثْلُ "رُسُلِنا" و"رُسُلُكُمْ" بِإسْكانِ السِّينِ، وثَقَّلَ ما عَدا ذَلِكَ. وعَنْهُ في قَوْلِهِ تَعالى: (عَلى رُسُلِكَ) رِوايَتانِ، التَّخْفِيفُ والتَّثْقِيلُ. وقَرَأ الباقُونَ كُلَّ ما في القُرْآَنِ مِن هَذا الجِنْسِ بِالتَّثْقِيلِ. ومَعْنى قَوْلِهِ: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ﴾ أيْ: لا نَفْعَلُ كَما فَعَلَ أهْلُ الكِتابِ، آَمَنُوا بِبَعْضٍ، وكَفَرُوا بِبَعْضٍ، وقَرَأ يَعْقُوبُ (لا يُفَرِّقُ) بِالياءِ، وفَتْحِ الرّاءِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿غُفْرانَكَ﴾ أيْ: نَسْألُكَ غُفْرانَكَ. والمَصِيرُ: المَرْجِعُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب