الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ أيْ: قَبْلَ الجِماعِ ﴿وَقَدْ فَرَضْتُمْ (p-٢٨١)لَهُنَّ﴾ أيْ: أوْجَبْتُمْ لَهُنَّ شَيْئًا التَزَمْتُمْ بِهِ، وهو المَهْرُ. ﴿إلا أنْ يَعْفُونَ﴾ يَعْنِي: النِّساءَ، وعَفْوُ المَرْأةِ: تَرْكُ حَقِّها مِنَ الصَّداقِ. وفي الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ الزَّوْجُ، وهو قَوْلُ عَلِيٍّ، وابْنِ عَبّاسٍ، وجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وابْنِ المُسَيِّبِ، وابْنِ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٍ، وشُرَيْحٍ، وجابِرِ بْنِ زَيْدٍ، والضَّحّاكِ، ومُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، والرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ، وابْنِ شُبْرُمَةَ، والشّافِعِيِّ، وأحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم في آَخَرِينَ. والثّانِي: أنَّهُ الوَلِيُّ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والحَسَنِ، وعَلْقَمَةَ، وطاوُوسٍ، والشَّعْبِيِّ، وإبْراهِيمَ في آَخَرِينَ. والثّالِثُ: أنَّهُ أبُو البِكْرِ. رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والزُّهْرِيِّ، والسُّدِّيِّ في آَخَرِينَ. فَعَلى القَوْلِ الأوَّلِ عَفْوُ الزَّوْجِ: أنْ يُكْمِلَ لَها الصَّداقَ، وعَلى الثّانِي: عَفْوُ الوَلِيِّ: تُرْكُ حَقِّها إذا أبَتْ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وأبِي الشَّعْثاءِ. وعَلى الثّالِثِ يَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿إلا أنْ يَعْفُونَ﴾ يَخْتَصُّ بِالثَّيِّباتِ. وقَوْلُهُ: ﴿أوْ يَعْفُوَ﴾ يَخْتَصُّ أبا البِكْرِ، قالَهُ الزُّهْرِيُّ، والأوَّلُ أصَحُّ، لِأنَّ عُقْدَةَ النِّكاحِ خَرَجَتْ مِن يَدِ الوَلِيِّ، فَصارَتْ بِيَدِ الزَّوْجِ، والعَفُوُّ إنَّما يُطْلَقُ عَلى مِلْكِ الإنْسانِ، وعَفْوُ الوَلِيِّ عَفْوٌ عَمّا لا يَمْلِكُ، ولِأنَّهُ قالَ: ﴿وَلا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ والفَضْلُ فِيهِ هِبَةُ الإنْسانِ مالُ نَفْسِهِ، لا مالَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ خِطابٌ لِلزَّوْجَيْنِ جَمِيعًا، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُقاتِلٍ. والثّانِي: أنَّهُ خِطابٌ لِلزَّوْجِ وحْدَهُ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ، وكانَ يُقْرَأُ: "وَأنْ يَعْفُوَ" بِالياءِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ خِطابٌ لِلزَّوْجَيْنِ، قالَ مُجاهِدٌ: هو إتْمامُ الرَّجُلِ الصَّداقُ، وتَرْكُ المَرْأةِ شَطْرَها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب