الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتالُ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لَمّا فَرَضَ اللَّهُ عَلى المُسْلِمِينَ الجِهادَ شُقَّ عَلَيْهِمْ وكَرِهُوهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ. و"كُتِبَ" بِمَعْنى: فُرِضَ في قَوْلِ الجَماعَةِ. قالَ الزَّجّاجُ: يُقالُ: كَرِهْتُ الشَّيْءَ أكْرَهُهُ كَرْهًا وكُرْهًا، وكَراهَةً وكَراهِيَةً. وكُلُّ ما في كِتابِ اللَّهِ مِنَ الكُرْهِ، فالفَتْحُ فِيهِ جائِزٌ، إلّا أنَّ أبا عُبَيْدٍ ذَكَرَ أنَّ النّاسَ مُجْتَمِعُونَ عَلى ضَمِّ هَذا الحَرْفِ الَّذِي فِيهِ هَذِهِ الآَيَةِ. وإنَّما كَرِهُوهُ لِمَشَقَّتِهِ عَلى النُّفُوسِ، لا أنَّهم كَرِهُوا فَرْضَ اللَّهِ تَعالى. وقالَ الفَرّاءُ: الكُرْهُ والكَرْهُ: لُغَتانِ. وكَأنَ النَّحْوِيِّينَ يَذْهَبُونَ بِالكُرْهِ إلى ما كانَ مِنكَ مِمّا لَمْ تُكْرَهُ عَلَيْهِ، فَإذا أُكْرِهْتَ عَلى الشَّيْءِ اسْتَحَبُّوا "كُرْهًا" بِالفَتْحِ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الكُرْهُ بِالفَتْحِ، مَعْناهُ: الإكْراهُ والقَهْرُ، وبِالضَّمِّ مَعْناهُ: المَشَقَّةُ. ومِن نَظائِرِ هَذا: الجُهْدُ: الطّاقَةُ، والجُهْدُ: المَشَقَّةُ ومِنهم مَن يَجْعَلُهُما واحِدًا. وعِظَمُ الشَّيْءِ: أكْبَرُهُ (p-٢٣٥)وَعَظَمَةُ نَفْسِهِ. وعَرْضُ الشَّيْءِ: إحْدى نَواحِيهِ. وعَرْضُهُ: خِلافُ طُولِهِ. والأكْلُ: مَصْدَرُ أكَلَتْ، والأكْلُ: المَأْكُولُ، وقالَ أبُو عَلِيٍّ: هُما لُغَتانِ، كالفَقْرِ والفُقْرِ، والضَّعْفِ والضُّعْفِ، والدَّفِّ والدُّفِّ، والشَّهْدِ والشُّهْدِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعَسى أنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَعْنِي الجِهادَ. ﴿وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فَتْحٌ وغَنِيمَةٌ أوْ شَهادَةٌ. ﴿وَعَسى أنْ تُحِبُّوا شَيْئًا﴾ وهُوَ: القُعُودُ عَنْهُ. ﴿وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ﴾ لا تُصِيبُونَ فَتْحًا ولا غَنِيمَةً ولا شَهادَةً. ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ﴾ أنَّ الجِهادَ خَيْرٌ لَكم. ﴿وَأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ حِينَ أحْبَبْتُمُ القُعُودَ عَنْهُ.
* فَصْلٌ
اخْتَلَفَ عُلَماءُ النّاسِخِ والمَنسُوخِ في هَذا الآَيَةِ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّها مِنَ المُحْكَمِ النّاسِخِ لِلْعَفْوِ عَنِ المُشْرِكِينَ. والثّانِي: أنَّها مَنسُوخَةٌ، لِأنَّها أوْجَبَتِ الجِهادَ عَلى الكُلِّ، فَنُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كافَّةً﴾ التَّوْبَةِ ١٢٢ . والثّالِثُ: أنَّها ناسِخَةٌ مِن وجْهٍ، مَنسُوخَةٌ مِن وجْهٍ.
وَقالُوا: إنَّ الحالَ في القِتالِ كانَتْ عَلى ثَلاثِ مَراتِبَ. الأُولى المَنعُ مِنَ القِتالِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ قِيلَ لَهم كُفُّوا أيْدِيَكُمْ﴾ [ النِّساءِ: ٧٧ ] . والثّانِيَةُ: أمَرَ الكُلَّ بِالقِتالِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿انْفِرُوا خِفافًا وثِقالا﴾ [ التَّوْبَةِ: ٤١ ] . ومِثْلُها هَذِهِ الآَيَةُ. والثّالِثَةُ كَوْنُ القِتالِ فَرْضًا عَلى الكِفايَةِ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كافَّةً﴾ [ التَّوْبَةِ: ١٢٢ ] . فَيَكُونُ النّاسِخُ مِنها إيجابُ القِتالِ بَعْدَ المَنعِ مِنهُ، والمَنسُوخُ مِنهُ وُجُوبُ القِتالِ عَلى الكُلِّ.
{"ayah":"كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ شَرࣱّ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











