الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكم والَّذِينَ مِن قَبْلِكم لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ . اخْتَلَفَ العُلَماءُ فِيمَن عُنِيَ بِهَذا الخِطابِ عَلى أرْبَعَةِ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ عامٌّ في جَمِيعِ النّاسِ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهُ خِطابٌ لِلْيَهُودِ دُونَ غَيْرِهِمْ، قالَهُ الحَسَنُ ومُجاهِدٌ. والثّالِثُ: أنَّهُ خِطابٌ لِلْكُفّارِ مِن مُشْرِكِي العَرَبِ وغَيْرِهِمْ، قالَهُ السُّدِّيُّ. والرّابِعُ: أنَّهُ خِطابٌ لِلْمُنافِقِينَ واليَهُودِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. و"النّاسُ" اسْمٌ لِلْحَيَوانِ الآَدَمِيِّ. وسُمُّوا بِذَلِكَ لِتَحَرُّكِهِمْ في مُراداتِهِمْ. والنَّوْسُ: الحَرَكَةُ. وقِيلَ: سُمُّوا أُناسًا لِما يَعْتَرِيهِمْ مِنَ النِّسْيانِ. (p-٤٨)وَفِي المُرادِ بِالعِبادَةِ هاهُنا قَوْلانِ. أحَدُهُما: التَّوْحِيدُ، . والثّانِي: الطّاعَةُ، رُوِيا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والخَلْقُ: والإيجادُ. وإنَّما ذَكَرَ مَن قَبْلَهم، لِأنَّهُ أبْلُغُ في التَّذْكِيرِ، وأقْطَعُ لِلْجَحْدِ، وأحْوَطُ في الحُجَّةِ. وقِيلَ: إنَّما ذَكَرَ مَن قَبْلَهم، لِيُنَبِّهَهم عَلى الِاعْتِبارِ بِأحْوالِهِمْ مِن إثابَةِ مُطِيعٍ، ومُعاقِبَةِ عاصٍ. وَفِي "لَعَلَّ" قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها بِمَعْنى كَيْ، وأنْشَدُوا في ذَلِكَ: ؎ وقُلْتُمْ لَنا كُفُّوا الحُرُوبَ لَعَلَّنا نَكُفُّ ووَثَّقْتُمْ لَنا كُلَّ مُوَثِّقِ ؎ فَلْمّا كَفَفْنا الحَرْبَ كانَتْ عُهُودُكم ∗∗∗ كَلَمْعِ سَرابٍ في المَلا مُتَألِّقِ يُرِيدُ: لِكَيْ نَكُفَّ، وإلى هَذا المَعْنى ذَهَبَ مُقاتِلٌ وقُطْرُبٌ وابْنُ كَيْسانَ. والثّانِي: أنَّها بِمَعْنى التَّرَجِّي، ومَعْناها: اعْبُدُوا اللَّهَ راجِينَ لِلتَّقْوى، ولِأنْ تَقُوا أنْفُسَكم بِالعِبادَةِ - عَذابُ رَبِّكم. وهَذا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لَعَلَّكم تَتَّقُونَ الشِّرْكَ، وقالَ الضَّحّاكُ: لَعَلَّكم تَتَّقُونَ النّارَ. وقالَ مُجاهِدٌ: لَعَلَّكم تُطِيعُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب