الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واقْتُلُوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ .
أيْ: وجَدْتُمُوهم يُقالُ: ثَقِفْتُهُ أثْقِفُهُ: إذا وجَدْتَهُ. قالَ القاضِي أبُو يَعْلى: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واقْتُلُوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ عامٌّ في جَمِيعِ المُشْرِكِينَ، إَلّا مَن كانَ بِمَكَّةَ، فَإنَّهم أمَرُوا بِإخْراجِهِمْ مِنها، إلّا مَن قاتَلَهم، فَإنَّهم أُمِرُوا بِقِتالِهِمْ، يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ في نَسَقِ الآَيَةِ: ﴿وَلا تُقاتِلُوهم عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكم فِيهِ﴾ وكانُوا قَدْ آَذَوُا المُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ حَتّى اضْطَرُّوهم إلى الخُرُوجِ، فَكَأنَّهم أخْرَجُوهم. أمّا الفِتْنَةُ، فَفِيها قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها الشِّرْكُ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ عُمَرَ، وقَتادَةُ في آَخَرِينَ. والثّانِي: أنَّها ارْتِدادُ المُؤْمِنِ إلى عِبادَةِ الأوْثانِ. قالَهُ مُجاهِدٌ. فَيَكُونُ مَعْنى الكَلامِ عَلى القَوْلِ الأوَّلُ: شِرْكُ القَوْمِ أعْظَمُ (p-١٩٩)مِن قَتْلِكم إيّاهم في الحَرَمِ. وعَلى الثّانِي: ارْتِدادُ المُؤْمِنِ إلى الأوْثانِ أشُدُّ عَلَيْهِ مِن أنْ يَقْتُلَ مُحِقًّا.
قَوْلُهُ تَعالى: (وَلا تُقاتِلُوهُمْ) قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وعاصِمٌ: ﴿وَلا تُقاتِلُوهم عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكم فِيهِ فَإنْ قاتَلُوكم فاقْتُلُوهُمْ﴾ وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ: ولا تَقْتُلُوهم حَتّى يَقْتُلُوكم فَإنْ قَتَلُوكم بِحَذْفِ الألِفِ فِيهِنَّ. وقَدِ اتَّفَقَ الكُلُّ عَلى قَوْلِهِ: ﴿فاقْتُلُوهُمْ﴾ واحْتَجَّ مَن قَرَأ بِالألْفِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ واحْتَجَّ مَن حَذَفَ الألِفَ بِقَوْلِهِ: (فاقْتُلُوهُمْ) .
* فَصْلٌ
واخْتَلَفَ العُلَماءُ في قَوْلِهِ:
﴿وَلا تُقاتِلُوهم عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكم فِيهِ﴾
: هَلْ هو مَنسُوخٌ أمْ لا؟ فَذَهَبَ مُجاهِدٌ في جَماعَةٍ مِنَ الفُقَهاءِ إلى أنَّهُ مُحْكَمٌ، وأنَّهُ لا يُقاتِلُ فِيهِ إلّا مَن قاتَلَ، ويَدُلُّ عَلى ذَلِكَ الحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، «أنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقالَ: "يا أيُّها النّاسُ! إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضِ، ولَمْ تَحِلَّ لِأحَدٍ قَبْلِي، ولا تَحِلَّ لِأحَدٍ بَعْدِي. وإنَّما أُحِلَّتْ لِي ساعَةً مِنَ النَّهارِ، ثُمَّ عادَتْ حَرامًا إلى يَوْمِ القِيامَةِ"» فَبَيْنَ ﷺ أنَّهُ خَصَّ في تِلْكَ السّاعَةِ بِالإباحَةِ عَلى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ، لا عَلى وجْهِ النَّسْخِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ خَطَرُ القِتالِ في الحَرَمِ، إلّا أنْ يُقاتِلُوا فَيَدْفَعُونَ دَفْعًا، وهَذا أمْرٌ مُسْتَمِرٌّ، والحُكْمُ غَيْرُ مَنسُوخٍ، وقَدْ ذَهَبَ قَتادَةُ إلى أنَّهُ مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [ التَّوْبَةِ: ٥ ] . فَأمَرَ بِقِتالِهِمْ في الحِلِّ والحَرَمِ وعَلى كُلِّ حالٍ. وذَهَبَ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ، وابْنُ زَيْدٍ. إلى أنَّهُ مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَقاتِلُوهم حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ وزَعَمَ (p-٢٠٠)مُقاتِلٌ أنَّهُ مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واقْتُلُوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ [ البَقَرَةِ: ١٩١ ] . والقَوْلُ الأوَّلُ أصَحُّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ قاتَلُوكم فاقْتُلُوهُمْ﴾ قالَ مُقاتِلٌ: أيْ: فَقاتِلُوهم.
{"ayah":"وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَیۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَیۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۚ وَلَا تُقَـٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ یُقَـٰتِلُوكُمۡ فِیهِۖ فَإِن قَـٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ كَذَ ٰلِكَ جَزَاۤءُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق