الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾ .
قالَ قَتادَةُ: ذُكِرَ لَنا «أنَّ رَجُلًا سَألَ عَنْ "البِرِّ" فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، فَدَعاهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَتَلاها عَلَيْهِ.» وفِيمَن خُوطِبَ بِها قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُسْلِمُونَ. والثّانِي: أهْلُ الكِتابَيْنِ. فَعَلى القَوْلِ الأوَّلِ؛ مَعْناها: لَيْسَ البِرُّ كُلُّهُ في الصَّلاةِ، ولَكِنَّ البِرَّ ما في هَذِهِ الآَيَةِ. وهَذا المَعْنى مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ، وعَطاءٍ، والضَّحّاكِ، وسُفْيانَ. وعَلى القَوْلِ الثّانِي؛ مَعْناها: لَيْسَ البِرَّ صَلاةُ اليَهُودِ إلى المَغْرِبِ، وصَلاةُ النَّصارى إلى المَشْرِقِ، ولَكِنَّ البِرَّ ما في هَذِهِ الآَيَةِ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ، والرَّبِيعُ، وعَوْفُ الأعْرابِيُّ، ومُقاتِلٌ.
وَقَرَأ حَمْزَةُ، وحَفَصٌ عَنْ عاصِمٍ: (لَيْسَ البِرَّ) بِنَصْبِ الرّاءِ. وقَرَأ الباقُونَ بِرَفْعِها، قالَ أبُو عَلِيٍّ: كِلاهُما حَسَنٌ، لِأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ الِاسْمَيْنِ؛ اسْمُ "لَيْسَ" وخَبَرُها، مَعْرِفَةٌ، فَإذا اجْتَمَعا في التَّعْرِيفِ تَكافَآَ في كَوْنِ أحَدِهِما اسْمًا، والآخِرِ خَبَرًا، كَما تَتَكافَأُ النَّكِرَتانِ.
وَفِي المُرادِ بِالبِرِّ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: الإيمانُ. والثّانِي: التَّقْوى. والثّالِثُ: العَمَلُ الَّذِي يُقَرَّبُ إلى اللَّهِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّ مَعْناهُ: ولَكِنَّ البِرَّ بِرُّ مَن آَمَنَ بِاللَّهِ. والثّانِي: ولَكِنَّ ذا البِرِّ مَن آَمَنَ بِاللَّهِ، حَكاهُما الزَّجّاجُ. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ: (وَلَكِنَّ البِرَّ) بِتَخْفِيفِ نُونِ (لَكِنْ) ورَفْعِ (البِرُّ) وإنَّما ذَكَرَ اليَوْمَ الآَخِرَ، لِأنَّ عَبَدَةَ الأوْثانِ لا يُؤْمِنُونَ بِالبَعْثِ. وفي المُرادِ بِالكِتابِ هاهُنا قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ القُرْآَنُ. والثّانِي: أنَّهُ بِمَعْنى الكُتُبِ، فَيَدْخُلُ في هَذا اليَهُودُ، لِتَكْذِيبِهِمْ بَعْضَ النَّبِيِّينَ ورَدِّهِمُ القُرْآَنَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَآتى المالَ عَلى حُبِّهِ﴾ في هاءِ "حُبِّهِ" قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها تَرْجِعُ إلى المالِ. والثّانِي: إلى الإيتاءِ. وكانَ الحَسَنُ إذا قَرَأها قالَ: سِوى الزَّكاةِ المَفْرُوضَةِ.
(p-١٧٩)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَوِي القُرْبى﴾ يُرِيدُ: قَرابَةَ المُعْطِي. وقَدْ شَرَحْنا مَعْنى: (اليَتامى والمَساكِينَ) عِنْدَ رَأْسِ ثَلاثٍ وثَمانِينَ آَيَةً مِن هَذِهِ السُّورَةِ. فَأمّا (ابْنَ السَّبِيلِ) فَفِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ الضَّيْفُ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، والضَّحّاكُ، ومُقاتِلٌ، والفَرّاءُ، وابْنُ قُتَيْبَةَ، والزَّجّاجُ. والثّانِي: أنَّهُ الَّذِي يَمُرُّ بِكَ مُسافِرًا، قالَهُ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ، وعَنْ مُجاهِدٍ، وقَتادَةَ كالقَوْلَيْنِ. وقَدْ رُوِيَ عَنِ الإمامِ أحْمَدَ أنَّهُ قالَ: هو المُنْقَطِعُ بِهِ يُرِيدُ بَلَدًا آَخَرَ. وهَذا اخْتِيارُ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وأبِي سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيِّ، والقاضِي أبُو يَعْلى، ويُحَقِّقُهُ: أنَّ السَّبِيلَ الطَّرِيقُ، وابْنُهُ: صاحِبُهُ الضّارِبُ فِيهِ، فَلَهُ حَقٌّ عَلى مَن يَمُرُّ بِهِ إذا كانَ مُحْتاجًا. ولَعَلَّ أصْحابَ القَوْلِ الأوَّلِ أشارُوا إلى هَذا لِأنَّهُ إنْ كانَ مُسافِرًا، فَإنَّهُ ضَيْفٌ لَمْ يَنْزِلْ. والقَوْلُ الثّالِثُ: أنَّهُ الَّذِي يُرِيدُ سَفَرًا، ولا يَجْدُ نَفَقَةً، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ وغَيْرُهُ عَنِ الشّافِعِيِّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَفِي الرِّقابِ﴾ أيْ: في فَكِّ الرِّقابِ. ثُمَّ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُكاتِبُونَ يُعانُونَ في كِتابَتِهِمْ بِما يُعْتِقُونَ بِهِ، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وهو مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ، والحَسَنِ، وابْنِ زَيْدٍ، والشّافِعِيِّ. والثّانِي: أنَّهم عَبِيدٌ يُشْتَرُونَ بِهَذا السَّهْمَ ويُعْتَقُونَ، رَواهُ مُجاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مالِكُ بْنُ أنَسٍ، وأبُو عُبَيْدٍ، وأبُو ثَوْرٍ. وعَنْ أحْمَدَ كالقَوْلَيْنِ.
فَأمّا البَأْساءُ؛ فَهِيَ: الفَقْرُ. والضَّرّاءُ: المَرَضُ. وحِينَ البَأْسِ: القِتالُ، قالَهُ الضَّحّاكُ. ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ قالَ أبُو العالِيَةِ: تَكَلَّمُوا بِالإيمانِ وحَقَّقُوهُ بِالعَمَلِ.
{"ayah":"۞ لَّیۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِیلِ وَٱلسَّاۤىِٕلِینَ وَفِی ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَـٰهَدُوا۟ۖ وَٱلصَّـٰبِرِینَ فِی ٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ وَحِینَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق