الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِن حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ فَإنَّهُ تَكْرِيرُ تَأْكِيدٍ، لِيَحْسِمَ طَمَعَ أهْلِ الكِتابِ في رُجُوعِ المُسْلِمِينَ أبَدًا إلى قِبْلَتِهِمْ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِئَلا يَكُونَ لِلنّاسِ﴾ في النّاسِ قَوْلانِ، أحَدُهُما: أنَّهم أهْلُ الكِتابِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو العالِيَةِ، وقَتادَةُ، ومُقاتِلٌ، . والثّانِي: مُشْرِكُوا العَرَبِ، رَواهُ السُّدِّيُّ عَنْ أشْياخِهِ. فَمَن قالَ بِالأوَّلِ؛ قالَ: احْتِجاجُ أهْلِ الكِتابِ أنَّهم قالُوا لِلنَّبِيِّ: ما لَكَ تَرَكْتَ قِبْلَةَ بَيْتِ المَقْدِسِ؟! إنْ كانَتْ ضَلالَةً؛ فَقَدْ دِنْتَ بِها اللَّهَ، وإنْ كانَتْ هُدًى؛ فَقَدْ نَقَلْتَ عَنْها. وقالَ قَتادَةُ: قالُوا اشْتاقَ الرَّجُلُ إلى بَيْتِ أبِيهِ ودِينِ قَوْمِهِ. ومَن قالَ بِالثّانِي؛ قالَ: احْتِجاجُ المُشْرِكِينَ (p-١٦٠)أنَّهم قالُوا: قَدْ رَجَعَ إلى قِبْلَتِكم، ويُوشِكُ أنْ يَعُودَ إلى دِينِكم. وَتَسْمِيَةُ باطِلِهِمْ حُجَّةٌ عَلى وجْهِ الحِكايَةِ عَنِ المُحْتَجِّ بِهِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿حُجَّتُهم داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [ الشُّورى: ١٦ ] . وقَوْلُهُ: ﴿فَرِحُوا بِما عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ﴾ [ غافِرِ: ٨٣ ] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنهُمْ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ: إلّا مَن ظَلَمَ بِاحْتِجاجِهِ فِيما قَدْ وُضَحَ لَهُ، كَما تَقُولُ: ما لَكَ عَلِيَّ حُجَّةٌ إلّا الظُّلْمُ، أيْ: إلّا أنْ تَظْلِمَنِي. أيْ: ما لَكَ عَلِيَّ البَتَّةَ، ولَكِنَّكَ تَظْلِمُنِي. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿فَلا تَخْشَوْهُمْ﴾ في انْصِرافِكم إلى الكَعْبَةِ ﴿واخْشَوْنِي﴾ في تَرْكِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب