الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ﴾ . اخْتَلَفُوا فِيمَن نَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ عَلى قَوْلَيْنِ. أحَدُهُما: أنَّها نَزَلَتْ في الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ اليَهُودِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: في المُؤْمِنِينَ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ، قالَهُ عِكْرِمَةُ، وقَتادَةُ. وفي الكِتابِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ القُرْآَنُ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّانِي: أنَّهُ التَّوْراةُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ﴾ أيْ: يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ في هاءِ "بِهِ" قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها تَعُودُ عَلى الكِتابِ. والثّانِي: عَلى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ﷺ وما بَعْدَ هَذا قَدْ سَبَقَ بَيانُهُ إلى قَوْلِهِ: ﴿وَإذِ ابْتَلى إبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ﴾ والِابْتِلاءُ: الِاخْتِبارُ. وفي إبْراهِيمَ سِتُّ لُغاتٍ. أحَدُها: إبْراهِيمُ، وهي اللُّغَةُ الفاشِيَّةُ. والثّانِيَةُ: إبْراهم. والثّالِثَةُ: إبْراهَمْ والرّابِعَةُ: إبْراهِمْ، ذَكَرَهُنَّ الفَرّاءُ. والخامِسَةُ: إبْراهامُ. والسّادِسَةُ: إبَرَهَمُ. قالَ عَبْدُ المُطَّلِبِ: ؎ عُذْتُ بِما عاذَ بِهِ إبَرَهَمُ مُسْتَقْبِلُ الكَعْبَةِ وهْوَ قائِمٌ وَقالَ أيْضًا: ؎ نَحْنُ آَلُ اللَّهِ في كَعْبَتِهِ ∗∗∗ لَمْ يَزَلْ ذاكَ عَلى عَهْدِ إبَرِهِيمَ وَفِي الكَلِماتِ خَمْسَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها خَمْسٌ في الرَّأْسِ، وخَمْسٌ في الجَسَدِ. أمّا الَّتِي في الرَّأْسِ؛ فالفَرْقُ، والمَضْمَضَةُ، والِاسْتِنْشاقُ، وقَصُّ الشّارِبِ، والسِّواكُ. وفي الجَسَدِ: تَقْلِيمُ الأظافِرِ، وحَلْقُ (p-١٤٠)العانَةِ، ونَتْفُ الإبِطِ، والِاسْتِطابَةُ بِالماءِ، والخِتانُ، رَواهُ طاوُسُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّها عَشْرٌ، سِتٌّ في الإنْسانِ، وأرْبَعٌ في المَشاعِرِ. فالَّتِي في الإنْسانِ: حَلْقُ العانَةِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وتَقْلِيمُ الأظافِرِ، وقَصُّ الشّارِبِ، والسِّواكُ، والغُسْلُ مِنَ الجَنابَةِ، والغَسْلُ يَوْمَ الجُمْعَةِ. والَّتِي في المَشاعِرِ: الطَّوافُ بِالبَيْتِ، والسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةَ، ورَمْيُ الجِمارِ، والإفاضَةُ. رَواهُ حَنَشُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: أنَّها المَناسِكُ، رَواهُ قَتادَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والرّابِعُ: أنَّهُ ابْتَلاهُ بِالكَوْكَبِ، والشَّمْسِ، والقَمَرِ، والهِجْرَةِ، والنّارِ، وذَبْحِ ولَدِهِ، والخِتانِ، قالَهُ الحَسَنُ. والخامِسُ: أنَّها كُلُّ مَسْألَةٍ في القُرْآَنِ، مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذا البَلَدَ آمِنًا﴾ [ إبْراهِيمَ: ٣٥ ] . ونَحْوَ ذَلِكَ، قالَهُ مُقاتِلٌ فَمَن قالَ: هي أفْعالٌ فَعَلَها؛ قالَ: مَعْنى فَأتَمَّهُنَّ: عَمِلَ بِهِنَّ. ومَن قالَ: هي دَعَواتٌ ومَسائِلٌ؛ قالَ: مَعْنى فَأتَمَّهُنَّ: أجابَهُ اللَّهُ إلَيْهِنَّ. وقَدْ رُوِيَ عَنْ أبِي حَنِيفَةَ أنَّهُ قَرَأ: (إبْراهِيمُ) بِرَفْعِ المِيمِ (رَبَّهُ) بِنَصْبِ الباءِ، عَلى مَعْنى: اخْتَبَرَ رَبَّهُ هَلْ يَسْتَجِيبُ دُعاءَهُ، ويَتَّخِذُهُ خَلِيلًا أمْ لا؟ . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ في الذُّرِّيَّةِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها فِعْلِيَّةٌ مِنَ الذَّرِّ، لِأنَّ اللَّهَ أخْرَجَ الخَلْقَ مِن صُلْبِ آَدَمَ كالذَّرِّ. والثّانِي: أنَّ أصْلَها ذَرُّورَةٌ، عَلى وزْنِ: فَعْلُولَةٌ، ولَكِنْ لَمّا كَثُرَ التَّضْعِيفُ أُبْدِلَ مِنَ الرّاءِ الأخِيرَةِ ياءٌ، فَصارَتْ: ذُرْوِيَّةً، ثُمَّ أُدْغِمَتِ الواوُ في الياءِ، فَصارَتْ: ذُرِّيَّةً، ذَكَرَهُما الزَّجّاجُ، وصَوَّبَ الأوَّلَ. وَفِي العَهْدِ هاهُنا سَبْعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ الإمامَةُ، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. والثّانِي: أنَّهُ الطّاعَةُ، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: الرَّحْمَةُ، قالَهُ عَطاءٌ وعِكْرِمَةُ. والرّابِعُ: الدِّينُ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ. والخامِسُ: (p-١٤١)النُّبُوَّةُ، قالَهُ السُّدِّيُّ عَنْ أشْياخِهِ. والسّادِسُ: الأمانُ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. والسّابِعُ: المِيثاقُ، قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. والأوَّلُ أصَحُّ. وَفِي المُرادِ بِالظّالِمِينَ هاهُنا قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ الكُفّارُ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ، والسُّدِّيُّ. والثّانِي: العُصاةُ، قالَهُ عَطاءٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب