الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتابِ﴾
فِي سَبَبِ نُزُولِها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّ حُيَيَّ بْنَ أخْطَبَ، وأبا ياسِرٍ كانا جاهِدَيْنِ في رَدِّ النّاسِ عَنِ الإسْلامِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّ كَعْبَ بْنَ الأشْرَفِ كانَ يَهْجُوا النَّبِيَّ، ويُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفّارَ قُرَيْشٍ في شِعْرِهِ، وكانَ المُشْرِكُونَ واليَهُودُ مِن أهْلِ المَدِينَةِ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ قَدِمَها، فَأمَرَ النَّبِيَّ بِالصَّفْحِ عَنْهم، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، قالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ. والثّالِثُ: أنَّ نَفَرًا مِنَ اليَهُودِ دَعَوْا حُذَيْفَةَ وعَمّارًا إلى دِينِهِمْ، فَأبَيا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ. قالَهُ مُقاتِلٌ.
وَمَعْنى "وَدَّ" أحَبَّ وتَمَنّى. وأهْلُ الكِتابِ: اليَهُودُ. قالَ الزَّجّاجُ: مِن عِنْدِ أنْفُسِهِمْ مَوْصُولٌ: بِـ (وَدَّ كَثِيرٌ)، لا بِقَوْلِهِ: حَسَدًا لِأنَّ حَسَدَ الإنْسانِ لا يَكُونُ إلّا مِن عِنْدِ نَفْسِهِ، والمَعْنى مَوَدَّتُهم لِكُفْرِكم مِن عِنْدِ أنْفُسِهِمْ، لا أنَّهُ عِنْدَهُمُ الحَقُّ. فَأمّا الحَسَدُ، فَهو تَمَنِّي زَوالِ النِّعْمَةِ عَنِ المَحْسُودِ، وإنْ لَمْ يَصِرْ لِلْحاسِدِ مِثْلُها، وتُفارِقُهُ الغِبْطَةُ، فَإنَّها تَمَنِّي مِثْلَها مِن غَيْرِ حُبِّ زَوالِها عَنِ المَغْبُوطِ. وحَدَّ بَعْضُهُمُ الحَسَدَ فَقالَ: هو أذًى يَلْحَقُ بِسَبَبِ العِلْمِ بِحُسْنِ حالِ الأخْيارِ. ولا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ الفاضِلُ حَسُودًا، لِأنَّ الفاضِلَ يَجْرِي عَلى ما هو الجَمِيلُ (p-١٣٢)وَقالَ بَعْضُ الحُكَماءِ: كُلُّ أحَدٍ يُمْكِنُ أنْ تُرْضِيهِ إلّا الحاسِدُ، فَإنَّهُ لا يُرْضِيهِ إلّا زَوالُ نِعْمَتِكَ. وقالَ الأصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ أعْرابِيًّا يَقُولُ: ما رَأيْتُ ظالِمًا أشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنَ الحاسِدِ، حُزْنٌ لازِمٌ، ونَفَسٌ دائِمٌ، وعَقْلٌ هائِمٌ، وحَسْرَةٌ لا تَنْقَضِي.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿حَتّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأمْرِهِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَجاءَ اللَّهُ بِأمْرِهِ في النَّضِيرِ بِالجَلاءِ والنَّفْيِ، وفي قُرَيْظَةَ بِالقَتْلِ والسَّبْيِ.
* فَصْلٌ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وابْنِ عَبّاسٍ، وأبِي العالِيَةِ، وقَتادَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أنَّ العَفْوَ والصَّفْحَ مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ ورَسُولُهُ﴾ [ التَّوْبَةِ: ٢٩ ] وأبى هَذا القَوْلَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ والفُقَهاءُ، واحْتَجُّوا بِأنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ بِالصَّفْحِ والعَفْوِ مُطْلَقًا، وإنَّما أمَرَ بِهِ إلى غايَةٍ، وما بَعْدَ الغايَةِ يُخالِفُ حُكْمَ ما قَبْلَها، وما هَذا سَبِيلُهُ لا يَكُونُ مِن بابِ المَنسُوخِ، بَلْ يَكُونُ الأوَّلُ قَدِ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ بِغايَتِهِ، والآَخَرُ يَحْتاجُ إلى حُكْمٍ آَخَرَ.
{"ayah":"وَدَّ كَثِیرࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَوۡ یَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدࣰا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُوا۟ وَٱصۡفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











