الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ﴾ . سَبَبُ نُزُولِها: أنَّ اليَهُودَ قالَتْ لَمّا نُسِخَتِ القِبْلَةُ: إنَّ مُحَمَّدًا يَحِلُّ لِأصْحابِهِ إذا شاءَ، ويُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ إذا شاءَ؛ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ. قالَ الزَّجّاجُ: النَّسْخُ في اللُّغَةِ: إبْطالُ شَيْءٍ وإقامَةُ آَخَرَ مَقامِهِ، تَقُولُ العَرَبُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ: إذا أذْهَبَتْهُ، وحَلَّتْ مَحَلَّهُ، وفي المُرادِ بِهَذا النَّسْخِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: رَفْعُ اللَّفْظِ والحُكْمِ. والثّانِي: تَبْدِيلُ الآَيَةِ بِغَيْرِها، رُوِيا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والأوَّلُ قَوْلُ السُّدِّيُّ، . والثّانِي: قَوْلُ مُقاتِلٍ. والثّالِثُ: رَفْعُ الحُكْمِ مَعَ بَقاءِ اللَّفْظِ، رَواهُ مُجاهِدٌ عَنْ أصْحابِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وبِهِ قالَ أبُو العالِيَةِ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ: (ما نَنْسَخُ) بِضَمِّ النُّونِ، وكَسْرِ السِّينِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: أيْ: ما نَجِدُهُ مَنسُوخًا كَقَوْلِكَ: أحَمَدْتُ فُلانًا، أيْ: وجَدْتُهُ مَحْمُودًا، وإنَّما يَجِدُهُ مَنسُوخًا بِنَسْخِهِ إيّاهُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ نُنْسِها﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو: (نَنَسْأها) بِفَتْحِ النُّونِ مَعَ (p-١٢٨)الهَمْزَةُ، والمَعْنى نُؤَخِّرُها. قالَ أبُو زَيْدٍ: نَسَأتِ الإبِلِ عَنِ الحَوْضِ، فَإنْ أنْسَأها: إذا أخَّرَتْها، ومِنهُ: النَّسِيئَةُ في البَيْعِ. وفي مَعْنى نُؤَخِّرُها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: نُؤَخِّرُها عَنِ النَّسْخِ فَلا نَنْسَخُها، قالَهُ الفَرّاءُ. والثّانِي: نُؤَخِّرُ إنْزالها، فَلا نَنْزِلُها البَتَّةَ. والثّالِثُ: نُؤَخِّرُها عَنِ العَمَلِ بِها بِنَسْخِنا إيّاها، حَكاهُما أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ. وقَرَأ سَعْدُ بْنُ أبِي وقّاصٍ: (تَنْسَها) بِتاءٍ مَفْتُوحَةٍ ونُونٍ. وقَرَأ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ والضَّحّاكُ: (تَنْسَها) بِضَمِّ التّاءِ. وقَرَأ نافِعٌ: (أوَنُنْسُها) بِنُونَيْنِ، الأُولى مَضْمُومَةٌ، والثّانَيَةُ ساكِنَةٌ. أرادَ: أوْ نُنْسِكَها، مِنَ النِّسْيانِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنها﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: بِاللِّينِ مِنها، وأيْسَرَ عَلى النّاسِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ مِثْلِها﴾ أيْ: في الثَّوابِ والمَنفَعَةِ، فَتَكُونُ الحِكْمَةُ في تَبْدِيلِها بِمِثْلِها الِاخْتِبارَ. ﴿ألَمْ تَعْلَمْ﴾ لَفْظُهُ لَفْظُ الِاسْتِفْهامِ، ومَعْناهُ التَّوْقِيفُ والتَّقْرِيرُ. والمُلْكُ في اللُّغَةِ: تَمامُ القُدْرَةِ واسْتِحْكامُها، فاللَّهُ عَزَّ وجَلَّ يَحْكُمُ بِما يَشاءُ عَلى عِبادِهِ، وبِغَيْرِ ما يَشاءُ مِن أحْكامٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب