الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾؛ أيْ: أحاطَ اللَّهُ العَذابَ بِثَمَرِهِ، وقَدْ سَبَقَ مَعْنى الثَّمَرَ. ﴿فَأصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ﴾؛ أيْ: يَضْرِبُ يَدًا عَلى يَدٍ، وهَذا فِعْلُ النّادِمِ. ﴿عَلى ما أنْفَقَ فِيها﴾؛ أيْ: في جَنَّتِهِ، و " في " هاهُنا بِمَعْنى ( عَلى ) . ﴿وَهِيَ خاوِيَةٌ﴾؛ أيْ: خالِيَةٌ ساقِطَةٌ، ﴿عَلى عُرُوشِها﴾ والعُرُوشُ: السُّقُوفُ، والمَعْنى: أنَّ حِيطانَها قائِمَةٌ والسُّقُوفُ قَدْ تَهَدَّمَتْ فَصارَتْ في قَرارِها، فَصارَتِ الحِيطانُ كَأنَّها عَلى السُّقُوفِ. ﴿وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أحَدًا﴾ فَأخْبَرَ اللَّهُ تَعالى أنَّهُ لَمّا سَلَبَهُ ما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ، وحَقَّقَ ما أنْذَرَهُ [ بِهِ ] أخُوهُ في الدُّنْيا، نَدِمَ عَلى شِرْكِهِ حِينَ لا تَنْفَعُهُ النَّدامَةُ. وقِيلَ: إنَّما يَقُولُ هَذا في القِيامَةِ. " ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وعاصِمٌ: ( ولَمْ تَكُنْ ) بِالتّاءِ. وقَرَأ حَمْزَةُ، (p-١٤٧)والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ: ( ولَمْ يَكُنْ ) بِالياءِ. والفِئَةُ: الجَماعَةُ، ﴿يَنْصُرُونَهُ﴾؛ أيْ: يَمْنَعُونَهُ مِن عَذابِ اللَّهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُنالِكَ الوَلايَةُ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ: ( الوَلايَةُ ) بِفَتْحِ الواوِ، و( لِلَّهِ الحَقِّ ) خَفْضًا. وقَرَأ حَمْزَةُ: ( الوَلايَةُ ) بِكَسْرِ الواوِ، و( لِلَّهِ الحَقِّ ) بِكَسْرِ القافِ أيْضًا. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو بِفَتْحِ الواوِ ورَفْعِ ( الحَقِّ )، ووافَقَهُ الكِسائِيُّ في رَفْعِ القافِ، لَكِنَّهُ كَسَرَ ( الوِلايَةَ ) . قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى الوِلايَةِ في [ مِثْلِ ] تِلْكَ الحالِ: تَبْيِينُ نُصْرَةِ ولِيِّ اللَّهِ. وقالَ غَيْرُهُ: هَذا الكَلامُ عائِدٌ إلى ما قَبْلَ قِصَّةِ الرَّجُلَيْنِ، فَأمّا مَن فَتْحَ واوَ ( الوِلايَةِ ) فَإنَّهُ أرادَ: المُوالاةَ والنُّصْرَةَ، ومَن كَسَرَ أرادَ: السُّلْطانَ والمُلْكَ، عَلى ما شَرَحْنا في آَخِرِ ( الأنْفالِ: ٧٢ ) . فَعَلى قِراءَةِ الفَتْحِ في مَعْنى الكَلامِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم يَتَوَلَّوْنَ اللَّهَ تَعالى في القِيامَةِ، ويُؤْمِنُونَ بِهِ، ويَتَبَرَّؤُونَ مِمّا كانُوا يَعْبُدُونَ، قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. والثّانِي: هُنالِكَ يَتَوَلّى اللَّهُ أمْرَ الخَلائِقِ، فَيَنْصُرُ المُؤْمِنِينَ ويَخْذُلُ الكافِرِينَ. وعَلى قِراءَةِ الكَسْرِ يَكُونُ المَعْنى: هُنالِكَ السُّلْطانُ لِلَّهِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: مَن كَسَرَ قافَ ( الحَقِّ ) جَعَلَهُ مِن وصْفِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، ومَن رَفَعَهُ جَعَلَهُ صِفَةً لِلْوِلايَةِ. فَإنْ قِيلَ: لِمَ نُعِتَتِ الوِلايَةُ وهي مُؤَنَّثَةٌ بِالحَقِّ وهو مَصْدَرٌ ؟ فَعَنْهُ جَوابانِ ذَكَرَهُما ابْنُ الأنْبارِيِّ: أحَدُهُما: أنَّ تَأْنِيثَها لَيْسَ حَقِيقِيًّا، فَحُمِلَتْ عَلى مَعْنى النَّصْرِ، والتَّقْدِيرِ: هُنالِكَ النَّصْرُ لِلَّهِ الحَقِّ، كَما حُمِلَتِ الصَّيْحَةُ عَلى مَعْنى الصِّياحِ في قَوْلِهِ: ﴿وَأخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [ هُودٍ: ٦٧ ] . والثّانِي: أنَّ الحَقَّ مَصْدَرٌ يَسْتَوِي في لَفْظِهِ المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ، والِاثْنانِ (p-١٤٨)والجَمْعِ، فَيُقالُ: قَوْلُكَ حَقٌّ، وكَلِمَتُكَ حَقٌّ، وأقْوالُكم حَقٌّ، ويَجُوزُ ارْتِفاعُ الحَقِّ عَلى المَدْحِ لِلْوِلايَةِ، وعَلى المَدْحِ لِلَّهِ تَعالى بِإضْمارِ ( هو ) . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوابًا﴾؛ أيْ: هو أفْضَلُ ثَوابًا مِمَّنْ يُرْجى ثَوابُهُ، وهَذا عَلى تَقْدِيرِ أنَّهُ لَوْ كانَ غَيْرُهُ يُثِيبُ لَكانَ ثَوابُهُ أفْضَلَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، والكِسائِيُّ: ( عُقْبًا ) مَضْمُومَةَ القافِ. وقَرَأ عاصِمٌ وحَمْزَةُ: ( عُقْبًا ) ساكِنَةَ القافِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: ما كانَ [ عَلى ] ( فِعْلٍ ) جازَ تَخْفِيفُهُ، كالعُنُقِ والطُّنُبِ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: العُقُبُ، والعُقْبُ، والعُقْبى، والعاقِبَةُ، بِمَعْنًى، وهي الآَخِرَةُ، والمَعْنى: عاقِبَةُ طاعَةِ اللَّهِ خَيْرٌ مِن عاقِبَةِ طاعَةِ غَيْرِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب