الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: خَبَرُ " إنَّ " هاهُنا عَلى ثَلاثَةِ أوْجُهٍ: (p-١٣٧) أحَدُها: أنْ يَكُونَ عَلى إضْمارِ ﴿إنّا لا نُضِيعُ أجْرَ مَن أحْسَنَ عَمَلا﴾ مِنهُمْ، ولَمْ يَحْتَجْ إلى ذِكْرِ ( مِنهم )؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى قَدْ أعْلَمَنا أنَّهُ مُحْبِطٌ عَمَلَ غَيْرِ المُؤْمِنِينَ. والثّانِي: أنْ يَكُونَ خَبَرُ " إنَّ ": ﴿أُولَئِكَ لَهم جَنّاتُ عَدْنٍ﴾، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿إنّا لا نُضِيعُ﴾ قَدْ فُصِلَ بِهِ بَيْنَ الِاسْمِ وخَبَرِهِ؛ لِأنَّهُ يَحْتَوِي عَلى مَعْنى الكَلامِ الأوَّلِ؛ لِأنَّ مَن أحْسَنَ عَمَلًا بِمَنزِلَةِ الَّذِينَ آَمَنُوا. والثّالِثُ: أنْ يَكُونَ الخَبَرُ ﴿إنّا لا نُضِيعُ أجْرَ مَن أحْسَنَ عَمَلا﴾ بِمَعْنى: إنّا لا نُضِيعُ أجْرَهم. قالَ المُفَسِّرُونَ: ومَعْنى ﴿لا نُضِيعُ أجْرَ مَن أحْسَنَ عَمَلا﴾؛ أيْ: لا نَتْرُكَ أعْمالَهُ تَذْهَبُ ضَياعًا، بَلْ نُجازِيهِ عَلَيْها بِالثَّوابِ. فَأمّا الأساوِرُ، فَقالَ الفَرّاءُ: في الواحِدِ مِنها ثَلاثُ لُغاتٍ: إسْوارٍ وسِوارٍ وسُوارٍ، فَمَن قالَ: إسْوارٍ، جَمَعَهُ: أساوِرَ، ومَن قالَ: سِوارٍ أوْ سُوارٍ، جَمَعَهُ: أسْوِرَةً، وقَدْ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ واحِدُ أساوِرَةٍ وأساوِرَ: سِوارًا. وقالَ الزَّجّاجُ: الأساوِرُ جَمْعُ أسْوِرَةٍ، وأسْوِرَةٌ جَمْعُ سِوارٍ، يُقالُ: سِوارُ اليَدِ، بِالكَسْرِ، وقَدْ حُكِيَ: سُوارٌ. قالَ المُفَسِّرُونَ: لَمّا كانَتِ المُلُوكُ تَلْبَسُ في الدُّنْيا الأساوِرَ في اليَدِ والتِّيجانَ عَلى الرُّؤُوسِ، جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِأهْلِ الجَنَّةِ. قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يُحَلّى كُلُّ واحِدٍ مِنهم بِثَلاثَةٍ مِنَ الأساوِرِ، واحِدٍ مِن فِضَّةٍ، وواحِدٍ مِن ذَهَبٍ، وواحِدٍ مِن لُؤْلُؤٍ ويَواقِيتٍ. فَأمّا " السُّنْدُسُ " و " الإسْتَبْرَقُ "، فَقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: السُّنْدُسُ: رَقِيقُ الدِّيباجِ، والإسْتَبْرَقُ ثَخِينُهُ. وقَرَأْتُ عَلى شَيْخِنا أبِي مَنصُورٍ اللُّغَوِيِّ، قالَ: السُّنْدُسُ: رَقِيقُ الدِّيباجِ، لَمْ يَخْتَلِفْ أهْلُ اللُّغَةِ في أنَّهُ مُعَرَّبٌ، قالَ الرّاجِزُ: ؎ ولَيْلَةً مِنَ اللَّيالِي حِنْدِسِ لَوْنُ حَواشِيها كَلَوْنِ السُّنْدُسِ (p-١٣٨) والِاسْتَبْرَقُ: غَلِيظُ الدِّيباجِ، فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وأصْلُهُ: إسْتَفْرَهْ. وقالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: اسْتَرْوَهْ، ونُقِلَ مِنَ العَجَمِيَّةِ إلى العَرَبِيَّةِ، فَلَوْ حُقِّرَ ( إسْتَبْرَقُ ) أوْ كُسِرَ، لَكانَ في التَّحْقِيرِ ( أُبَيْرِقُ )، وفي التَّكْسِيرِ ( أبارِقُ ) بِحَذْفِ السِّينِ والتّاءِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيها﴾ الِاتِّكاءُ: التَّحامُلُ عَلى الشَّيْءِ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: والأرائِكُ: الفَرْشُ في الحِجالِ، ولا تَكُونُ الأرِيكَةُ إلّا بِحَجَلَةٍ وسَرِيرٍ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الأرائِكُ: السُّرُرُ في الحِجالِ، واحِدُها: أرِيكَةٌ. وقالَ ثَعْلَبُ: لا تَكُونُ الأرِيكَةُ إلّا سَرِيرًا في قُبَّةٍ عَلَيْهِ شَوارُهُ ومَتاعُهُ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ( الشَّوارُ ) مَفْتُوحُ الشِّينِ، وهو مَتاعُ البَيْتِ. وقالَ الزَّجّاجُ: الأرائِكُ: الفَرْشُ في الحِجالِ. قالَ: وقِيلَ: إنَّها الفُرُشُ، وقِيلَ: الأسِرَّةُ، وهي عَلى الحَقِيقَةِ: الفُرُشُ كانَتْ في حِجالٍ لَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب