الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كانَتْ لَهم جَنّاتُ الفِرْدَوْسِ﴾ قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: كانَتْ لَهم في عِلْمِ اللَّهِ قَبْلَ أنْ يُخْلَقُوا. ورَوى البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ في " الصَّحِيحَيْنِ " مِن حَدِيثِ أبِي مُوسى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: " «جِنانُ الفِرْدَوْسِ أرْبَعٌ، ثِنْتانِ مِن ذَهَبٍ حِلْيَتُهُما وآَنِيَتُهُما وما فِيهِما، وثِنْتانِ مِن فِضَّةٍ حِلْيَتُهُما وآَنِيَتُهُما وما فِيها، ولَيْسَ بَيْنَ القَوْمِ وبَيْنَ أنْ يَنْظُرُوا إلى رَبِّهِمُ إلّا رِداءُ الكِبْرِياءِ عَلى وجْهِهِ في جَنَّةِ عَدْنٍ» " . ورَوى عُبادَةُ بْنُ الصّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: " «الجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، ما بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، الفِرْدَوْسُ أعْلاها، ومِنها تُفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ، فَإذا سَألْتُمُ اللَّهَ تَعالى فاسْألُوهُ الفِرْدَوْسَ» " . قالَ أبُو أُمامَةَ: الفِرْدَوْسُ: سُرَّةُ الجَنَّةِ. قالَ مُجاهِدٌ: الفِرْدَوْسُ: البُسْتانُ بِالرُّومِيَّةِ. وقالَ كَعْبٌ والضَّحّاكُ: جَنّاتُ الفِرْدَوْسِ: جَنّاتُ الأعْنابِ. قالَ الكَلْبِيُّ والفَرّاءُ: الفِرْدَوْسُ: البُسْتانُ الَّذِي فِيهِ الكَرْمُ. وقالَ المُبَرِّدُ: الفِرْدَوْسُ فِيما سَمِعْتُ مِن كَلامِ العَرَبِ: الشَّجَرُ المُلْتَفُّ، (p-٢٠٠)والأغْلَبُ عَلَيْهِ العِنَبُ. وقالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّ بُسْتانٍ يُحَوَّطُ عَلَيْهِ فَهو فِرْدَوْسٌ، قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ:
فِي جَنّاتِ الفِرْدَوْسِ لَيْسَ يَخافُونَ خُرُوجًا عَنْها ولا تَحْوِيلًا
وَقَرَأْتُ عَلى شَيْخِنا أبِي مَنصُورِ اللُّغَوِيِّ، قالَ: قالَ الزَّجّاجُ: الفِرْدَوْسُ أصْلُهُ رُومِيٌّ أُعْرِبَ، وهو البُسْتانُ، كَذَلِكَ جاءَ في التَّفْسِيرِ، وقَدْ قِيلَ: الفِرْدَوْسُ تَعْرِفُهُ العَرَبُ، وتُسَمِّي المَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ كَرْمٌ: فِرْدَوْسًا. وقالَ أهْلُ اللُّغَةِ: الفِرْدَوْسُ مُذَكَّرٌ، وإنَّما أنَّثَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هم فِيها خالِدُونَ﴾ [ المُؤْمِنُونَ: ١١ ]؛ لِأنَّهُ عَنى بِهِ الجَنَّةَ. وقالَ الزَّجّاجُ: وقِيلَ: الفِرْدَوْسُ: الأوْدِيَةُ الَّتِي تَنْبُتُ ضُرُوبًا مِنَ النَّبْتِ، وقِيلَ: هو بِالرُّومِيَّةِ مَنقُولٌ إلى لَفْظِ العَرَبِيَّةِ، قالَ: والفِرْدَوْسُ أيْضًا بِالسِّرْيانِيَّةِ كَذا لَفْظُهُ: فِرْدَوْسٌ، قالَ: ولَمْ نَجِدْهُ في أشْعارِ العَرَبِ إلّا في شِعْرِ حَسّانَ، وحَقِيقَتُهُ أنَّهُ البُسْتانُ الَّذِي يَجْمَعُ كُلَّ ما يَكُونُ في البَساتِينِ؛ لِأنَّهُ عِنْدَ أهْلِ كُلِّ لُغَةٍ كَذَلِكَ، وبَيْتُ حَسّانَ:
؎ فَإنَّ ثَوابَ اللَّهِ كُلَّ مُوَحِّدٍ جِنانٌ مِنَ الفِرْدَوْسِ فِيها يُخَلَّدُ
وَقالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ بِإسْنادِهِ: الفِرْدَوْسُ: البُسْتانُ بِلُغَةِ الرُّومِ. وقالَ الفَرّاءُ: وهو عَرَبِيٌّ أيْضًا، والعَرَبُ تُسَمِّي البُسْتانَ الَّذِي فِيهِ الكَرْمُ فِرْدَوْسًا. وقالَ السُّدِّيُّ: الفِرْدَوْسُ أصْلُهُ بِالنَّبَطِيَّةِ ( فِرْداسًا ) . وقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحارِثِ: الفِرْدَوْسُ: الأعْنابُ. وقَدْ شَرَحْنا مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿نُزُلا﴾ آَنِفًا.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلا﴾ قالَ الزَّجّاجُ: لا يُرِيدُونَ عَنْها تَحَوُّلًا، (p-٢٠١)يُقالُ: قَدْ حالَ مِن مَكانِهِ حِوَلًا، كَما قالُوا في المَصادِرِ: صَغُرَ صِغَرًا، وعَظُمَ عِظَمًا، وعادَنِي حُبُّها عَوْدًا، قالَ: وقَدْ قِيلَ أيْضًا: إنَّ الحِوَلُ: الحِيلَةُ، فَيَكُونُ المَعْنى: لا يَحْتالُونَ مَنزِلًا غَيْرَها.
فَإنْ قِيلَ: قَدْ عُلِمَ أنَّ الجَنَّةَ كَثِيرَةُ الخَيْرِ، فَما وجْهُ مَدْحِها بِأنَّهم يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا ؟
فالجَوابُ: أنَّ الإنْسانَ قَدْ يَجِدُ في الدّارِ الأنِيقَةِ مَعْنًى لا يُوافِقُهُ، فَيُحِبُّ أنْ يَنْتَقِلَ إلى دارٍ أُخْرى، وقَدْ يَمَلُّ، والجَنَّةُ عَلى خِلافِ ذَلِكَ.
{"ayahs_start":107,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَانَتۡ لَهُمۡ جَنَّـٰتُ ٱلۡفِرۡدَوۡسِ نُزُلًا","خَـٰلِدِینَ فِیهَا لَا یَبۡغُونَ عَنۡهَا حِوَلࣰا"],"ayah":"خَـٰلِدِینَ فِیهَا لَا یَبۡغُونَ عَنۡهَا حِوَلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق