الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: لَوْ شِئْنا لَمَحَوْناهُ مِنَ القُلُوبِ والكُتُبِ، حَتّى لا يُوجَدُ لَهُ أثَرٌ، ﴿ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وكِيلا﴾؛ أيْ: لا تَجِدُ مَن يَتَوَكَّلُ [ عَلَيْنا ] في رَدِّ شَيْءٍ مِنهُ، ﴿إلا رَحْمَةً مِن رَبِّكَ﴾ هَذا اسْتِثْناءٌ لَيْسَ مِنَ الأوَّلِ، والمَعْنى: لَكِنَّ اللَّهَ رَحِمَكَ فَأثْبَتَ ذَلِكَ في قَلْبِكَ وقُلُوبِ المُؤْمِنِينَ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: المَعْنى: لَكِنْ رَحْمَةً مِن رَبِّكَ تَمْنَعُ مِن أنْ تَسْلِبَ القُرْآَنَ، وكانَ المُشْرِكُونَ قَدْ خاطَبُوا نِساءَهم مِنَ المُسْلِمِينَ في الرُّجُوعِ إلى دِينِ آَبائِهِمْ، فَهَدَّدَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بِسَلْبِ النِّعْمَةِ، فَكانَ ظاهِرُ الخِطابِ لِلرَّسُولِ، ومَعْنى التَّهَدُّدِ لِلْأُمَّةِ. وقالَ أبُو سُلَيْمانَ: ﴿ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ﴾؛ أيْ: بِما نَفْعَلُهُ بِكَ مِن إذْهابِ ما عِنْدَكَ، ﴿وَكِيلا﴾ يَدْفَعُنا عَمّا نُرِيدُهُ بِكَ. ورُوِيَ [ عَنْ ] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ قالَ: يُسْرى عَلى القُرْآَنِ في لَيْلَةٍ واحِدَةٍ، فَيَجِيءُ جِبْرِيلُ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَيَذْهَبُ بِهِ مِن صُدُورِهِمْ ومِن بُيُوتِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ لا يَقْرَؤُونَ آَيَةً (p-٨٤)وَلا يُحِسُّونَها. ورَدَّ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ صِحَّةَ هَذا الحَدِيثِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: " «إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزاعًا» "، وحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْوِيٌّ مِن طُرُقٍ حِسانٍ، فَيُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ أرادَ بِالعِلْمِ ما سِوى القُرْآَنِ، فَإنَّ العِلْمَ ما يَزالُ يَنْقَرِضُ حَتّى يَكُونَ رَفْعُ القُرْآَنِ آَخِرَ الأمْرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب