الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِن دُونِهِ﴾ في سَبَبِ نُزُولِها قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ نَفَرًا مِنَ العَرَبِ كانُوا يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ، فَأسْلَمَ الجِنُّ والنَّفَرُ مِنَ العَرَبِ لا يَشْعُرُونَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ والَّتِي بَعْدَها، رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. والثّانِي: أنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا يَعْبُدُونَ المَلائِكَةَ، ويَقُولُونَ: هي تَشْفَعُ لَنا عِنْدَ اللَّهِ، فَلَمّا ابْتُلُوا بِالقَحْطِ سَبْعَ سِنِينَ، قِيلَ لَهُمْ: ﴿ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ﴾، قالَهُ مُقاتِلٌ، والمَعْنى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أنَّهم آَلِهَةٌ، ﴿فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكم ولا تَحْوِيلا﴾ لَهُ إلى غَيْرِكم. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ في المُشارِ إلَيْهِمْ بـِ " أُولَئِكَ " ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّهُمُ الجِنُّ الَّذِينَ أسْلَمُوا. والثّانِي: المَلائِكَةُ، وقَدْ سَبَقَ بَيانُ (p-٥٠)القَوْلَيْنِ. والثّالِثُ: أنَّهُمُ المَسِيحُ، وعُزَيْرٌ، والمَلائِكَةُ، والشَّمْسُ، والقَمَرُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. وفي مَعْنى " يَدْعُونَ " قَوْلانِ: أحَدُهُما: يَعْبُدُونَ؛ أيْ: يَدْعُونَهم آَلِهَةً، وهَذا قَوْلُ الأكْثَرِينَ. والثّانِي: أنَّهُ بِمَعْنى يَتَضَرَّعُونَ إلى اللَّهِ في طَلَبِ الوَسِيلَةِ، وعَلى هَذا يَكُونُ قَوْلُهُ: " يَدْعُونَ " راجِعًا إلى " أُولَئِكَ "، ويَكُونُ قَوْلُهُ: يَبْتَغُونَ تَمامًا لِلْكَلامِ. وعَلى القَوْلِ الأوَّلِ يَكُونُ " يَدْعُونَ " راجِعًا إلى المُشْرِكِينَ، ويَكُونُ قَوْلُهُ: " يَبْتَغُونَ " وصْفًا لـِ " أُولَئِكَ " مُسْتَأْنَفًا. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ( تَدْعُونَ ) بِالتّاءِ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: فَعَلى هَذا الفِعْلِ مَرْدُودٌ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ﴾ . ومَن قَرَأ: ( يَدْعُونَ ) بِالياءِ، قالَ: العَرَبُ تَنْصَرِفُ مِنَ الخِطابِ إلى الغَيْبَةِ إذا أمِنَ اللَّبْسَ. ومَعْنى " يَدْعُونَ ": يَدْعُونَهم آَلِهَةً. وقَدْ فَسَّرْنا مَعْنى ﴿الوَسِيلَةَ﴾ في ( المائِدَةِ: ٣٥ ) . وَفِي قَوْلِهِ: ﴿أيُّهم أقْرَبُ﴾ قَوْلانِ، ذَكَرَهُما الزَّجّاجُ: أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ " أيُّهم " مَرْفُوعًا بِالِابْتِداءِ، وخَبَرُهُ " أقْرَبُ "، ويَكُونُ المَعْنى: يَطْلُبُونَ الوَسِيلَةَ إلى رَبِّهِمْ، يَنْظُرُونَ أيُّهم أقْرَبُ إلَيْهِ، فَيَتَوَسَّلُونَ إلى اللَّهِ بِهِ. والثّانِي: أنْ يَكُونَ " أيُّهم أقْرَبُ " بَدَلًا مِنَ الواوِ في " يَبْتَغُونَ "، فَيَكُونُ المَعْنى: يَبْتَغِي أيُّهم هو أقْرَبُ الوَسِيلَةِ إلى اللَّهِ؛ أيْ: يَتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِالعَمَلِ الصّالِحِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب