الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ﴾ قَدْ شَرَحْناهُ في ( الأنْعامِ: ١٥٢ ) . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأوْفُوا بِالعَهْدِ﴾ وهو عامٌّ فِيما بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ رَبِّهِ، وفِيما بَيْنَهُ وبَيْنَ النّاسِ. قالَ الزَّجّاجُ: كُلُّ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ ونَهى عَنْهُ فَهو مِنَ العَهْدِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كانَ مَسْؤُولا﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: مَسْؤُولًا عَنْهُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأوْفُوا الكَيْلَ إذا كِلْتُمْ﴾؛ أيْ: أتِمُّوهُ ولا تَبْخَسُوا مِنهُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَزِنُوا بِالقِسْطاسِ﴾ فِيهِ خَمْسُ لُغاتٍ: أحَدُها: ( قُسْطاسٌ ) بِضَمِّ القافِ وسِينَيْنِ، وهَذِهِ قِراءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبِي عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، وأبِي بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ هاهُنا وفي ( الشُّعَراءِ: ١٨٢ ) . والثّانِيَةُ كَذَلِكَ، إلّا أنَّ القافَ مَكْسُورَةٌ، وهَذِهِ قِراءَةُ حَمْزَةَ، والكِسائِيِّ، وحَفْصٍ عَنْ عاصِمٍ. قالَ الفَرّاءُ: هُما لُغَتانِ. والثّالِثَةُ: ( قُصْطاصٌ ) بِصادَيْنِ. والرّابِعَةُ: ( قُصْطاسٌ ) بِصادٍّ قَبْلَ الطّاءِ وسِينٍ بَعْدَها، وهاتانِ مَرْوِيَّتانِ عَنْ حَمْزَةَ. والخامِسَةُ: ( قِسْطانُ ) بِالنُّونِ. قَرَأْتُ عَلى شَيْخِنا أبِي مَنصُورٍ اللُّغَوِيِّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، قالَ: القِسْطاسُ: المِيزانُ، رُومِيٌّ مُعْرَّبٌ، ويُقالُ: قِسْطاسٌ وقُسْطاسٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾؛ أيْ: ذَلِكَ الوَفاءُ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ وأقْرَبُ إلَيْهِ، ﴿وَأحْسَنُ تَأْوِيلا﴾؛ أيْ: عاقِبَةً في الجَزاءِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ قالَ الفَرّاءُ: أصَّلُ " تَقْفُ " مِنَ القِيافَةِ، وهي تَتَبُّعُ الأثَرَ، وفِيهِ لُغَتانِ: قَفا يَقْفُو، وقافٍ يَقُوفُ، وأكْثَرُ القُرّاءِ يَجْعَلُونَها مِن ( قَفَوْتُ )، فَيُحَرِّكُ الفاءَ إلى الواوِ ويَجْزِمُ القافَ، كَما تَقُولُ: لا تَدْعُ. وقَرَأ مُعاذٌ القارِئُ: ( لا تَقُفْ )، مِثْلُ: تَقُلْ، والعَرَبُ (p-٣٥)تَقُولُ: قُفْتُ أثَرَهُ، وقَفَوْتُ، ومِثْلُهُ: عاثَ وعْثًا، وقاعَ الجَمَلُ النّاقَةَ، وقَعاها: إذا رَكِبَها. قالَ الزَّجّاجُ: مَن قَرَأ بِإسْكانِ الفاءِ وضَمِّ القافِ مِن قافَ يَقُوفُ، فَكَأنَّهُ مَقْلُوبٌ مِن قَفا يَقْفُو، والمَعْنى واحِدٌ، تَقُولُ: قَفَوْتُ الشَّيْءَ أقَفُوهُ قَفْوًا: إذا تَبِعْتَ أثَرَهُ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ﴿وَلا تَقْفُ﴾؛ أيْ: لا تُتْبِعْهُ الظُّنُونَ والحَدْسَ، وهو مِنَ القَفاءِ مَأْخُوذٌ، كَأنَّكَ تَقْفُو الأُمُورَ؛ أيْ: تَكُونُ في أقْفائِها وأواخِرِها تَتَعَقَّبُها، والقائِفُ: الَّذِي يَعْرِفُ الآَثارَ ويَتْبَعُها، فَكَأنَّهُ مَقْلُوبٌ عَنِ القافِي. وَلِلْمُفَسِّرِينَ في المُرادِ بِهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: لا تَرْمِ أحَدًا بِما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: لا تَقُلْ: رَأيْتُ، ولَمْ تَرَ، ولا سَمِعْتُ، ولَمْ تَسْمَعْ، رَواهُ عُثْمانُ بْنُ عَطاءٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ قَتادَةُ. والثّالِثُ: لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، رَواهُ عَطاءٌ أيْضًا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والرّابِعُ: لا تَشْهَدْ بِالزُّورِ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَنَفِيَّةِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ السَّمْعَ والبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أُولَئِكَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: إنَّما قالَ: " كُلُّ "، ثُمَّ قالَ: " كانَ "؛ لِأنَّ كُلًّا في لَفْظِ الواحِدِ، وإنَّما قالَ: " أُولَئِكَ " لِغَيْرِ النّاسِ؛ لِأنَّ كُلَّ جَمْعٌ أشَرْتُ إلَيْهِ مِنَ النّاسِ وغَيْرِهِمْ مِنَ المَواتِ، تُشِيرُ إلَيْهِ بِلَفْظِ " أُولَئِكَ "، قالَ جَرِيرٌ: ؎ ذُمَّ المَنازِلَ بَعْدَ مَنزِلَةِ اللَّوى والعَيْشَ بَعْدَ أُولَئِكَ الأيّامِ قالَ المُفَسِّرُونَ: الإشارَةُ إلى الجَوارِحِ المَذْكُورَةِ، يُسْألُ العَبْدُ يَوْمَ القِيامَةِ فِيما إذا (p-٣٦)اسْتَعْمَلَها، وفي هَذا زَجْرٌ عَنِ النَّظَرِ إلى ما لا يَحِلُّ، والِاسْتِماعُ إلى ما يَحْرُمُ، والعَزْمُ عَلى ما لا يَجُوزُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب