الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَآتَيْنا مُوسى الكِتابَ﴾ لَمّا ذَكَرَ في الآَيَةِ الأُولى إكْرامَ مُحَمَّدٍ ﷺ، ذَكَرَ في هَذِهِ كَرامَةَ مُوسى. و " الكِتابَ ": التَّوْراةُ. ﴿وَجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِي إسْرائِيلَ﴾؛ أيْ: دَلَّلْناهم بِهِ عَلى الهُدى. ﴿ألا تَتَّخِذُوا﴾ قَرَأ أبُو عَمْرٍو: ( يَتَّخِذُوا ) بِالياءِ، والمَعْنى: هَدَيْناهم لِئَلّا يَتَّخِذُوا. وقَرَأ الباقُونَ بِالتّاءِ، قالَ أبُو عَلِيٍّ: وهو عَلى الِانْصِرافِ إلى الخِطابِ بَعْدَ الغَيْبَةِ، مِثْلُ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ﴾، ثُمَّ [ قالَ ] ﴿إيّاكَ نَعْبُدُ﴾ . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكِيلا﴾ قالَ مُجاهِدٌ: شَرِيكًا. وقالَ الزَّجّاجُ: رَبًّا. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وإنَّما قِيلَ لِلرَّبِّ: وكِيلٌ؛ لِكِفايَتِهِ وقِيامِهِ بِشَأْنِ عِبادِهِ؛ مِن أجْلِ أنَّ الوَكِيلَ عِنْدَ النّاسِ قَدْ عَلِمَ أنَّهُ يَقُومُ بِشُؤُونِ أصْحابِهِ، وتَفَقُّدِ أُمُورِهِمْ، فَكانَ الرَّبُّ وكِيلًا مِن هَذِهِ الجِهَةِ، لا عَلى مَعْنى ارْتِفاعِ مَنزِلَةِ المُوَكِّلِ وانْحِطاطِ أمْرِ الوَكِيلِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلْنا﴾ قالَ مُجاهِدٌ: هو نِداءٌ يا ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلْنا. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: مَن قَرَأ: ( ألّا تَتَّخِذُوا ) بِالتّاءِ، فَإنَّهُ يَقُولُ: بَعْدَ الذُّرِّيَّةِ مُضْمَرٌ حُذِفَ اعْتِمادًا عَلى دَلالَةِ ما سَبَقَ، تَلْخِيصُهُ: يا ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ لا تَتَّخِذُوا وكِيلًا، ويَجُوزُ أنْ يَسْتَغْنِيَ عَنِ الإضْمارِ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ كانَ عَبْدًا شَكُورًا؛ لِأنَّهُ بِمَعْنى: اشْكُرُونِي كَشُكْرِهِ. ومَن قَرَأ: ( لا يَتَّخِذُوا ) بِالياءِ، جَعَلَ النِّداءُ مُتَّصِلًا بِالخِطابِ، و " الذُّرِّيَّةُ " تَنْتَصِبُ بِالنِّداءِ، ويَجُوزُ نَصْبُها بِالِاتِّخاذِ عَلى أنَّها مَفْعُولٌ ثانٍ، تَلْخِيصُ الكَلامِ: أنْ لا يَتَّخِذُوا ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وكِيلًا. قالَ قَتادَةُ: النّاسُ كُلُّهم ذُرِّيَّةَ مَن أنْجى اللَّهُ في تِلْكَ السَّفِينَةِ. قالَ العُلَماءُ: ووَجْهُ الإنْعامِ عَلى الخَلْقِ بِهَذا القَوْلِ، أنَّهم كانُوا في صُلْبِ مَن نَجا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّهُ كانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ قالَ سَلْمانُ الفارِسِيُّ: كانَ إذا أكَلَ (p-٧)قالَ: " الحَمْدُ لِلَّهِ "، وإذا شَرِبَ قالَ: " الحَمْدُ لِلَّهِ " . وقالَ غَيْرُهُ: كانَ إذا لَبِسَ ثَوْبًا قالَ: " الحَمْدُ لِلَّهِ "، فَسَمّاهُ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب