الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكُلَّ إنْسانٍ﴾ وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ: ( وكُلُّ ) بِرَفْعِ اللّامِ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ وأُبَيٌّ والحَسَنُ: ( ألْزَمْناهُ طَيْرَهُ ) بِياءٍ ساكِنَةٍ مِن غَيْرِ ألِفٍ.
وَفِي الطّائِرِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: شَقاوَتُهُ وسَعادَتُهُ، قالَهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. قالَ مُجاهِدٌ: ما مِن مَوْلُودٍ يُولَدُ إلّا وفي عُنُقِهِ ورَقَةٌ مَكْتُوبٌ فِيها شَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ.
والثّانِي: عَمَلُهُ، قالَهُ الفَرّاءُ، وعَنِ الحَسَنِ كالقَوْلَيْنِ.
والثّالِثُ: أنَّهُ ما يُصِيبُهُ، قالَهُ خُصَيْفٌ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: حَظُّهُ.
قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والمَعْنى فِيما أرى - واللَّهُ أعْلَمُ -: أنَّ لِكُلِّ امْرِئِ حَظًّا مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ قَدْ قَضاهُ اللَّهُ [ عَلَيْهِ ]، فَهو لازِمٌ عُنُقَهُ،والعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ ما لَزِمَ الإنْسانَ: قَدْ لَزِمَ عُنُقَهُ، وهَذا لَكَ عَلَيَّ وفي عُنُقِي حَتّى أخْرُجَ مِنهُ، وإنَّما قِيلَ لِلْحَظِّ مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ: ( طائِرٌ )، لِقَوْلِ العَرَبِ: جَرى لَهُ الطّائِرُ بِكَذا مِنَ الخَيْرِ، وجَرى لَهُ الطّائِرُ بِكَذا مِنَ الشَّرِّ، عَلى طَرِيقِ الفَأْلِ والطِّيَرَةِ، فَخاطَبَهُمُ اللَّهُ بِما يَسْتَعْمِلُونَ وأعْلَمَهم أنَّ ذَلِكَ الأمْرَ الَّذِي يَجْعَلُونَهُ بِالطّائِرِ هو الَّذِي يُلْزِمُهُ أعْناقَهم.
وَقالَ الأزْهَرِيُّ: الأصْلُ في هَذا أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمّا خَلَقَ آَدَمَ، عَلِمَ المُطِيعَ مِن ذُرِّيَّتِهِ والعاصِي، فَكَتَبَ ما عَلِمَهُ مِنهم أجْمَعِينَ، وقَضى سَعادَةَ مَن عَلِمَهُ مُطِيعًا، وشَقاوَةَ مَن عَلِمَهُ عاصِيًا، فَصارَ لِكُلٍّ مِنهم ما هو صائِرٌ إلَيْهِ عِنْدَ خَلْقِهِ وإنْشائِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ألْزَمْناهُ طائِرَهُ في عُنُقِهِ﴾ .
والرّابِعُ: أنَّهُ ما يُتَطَيَّرُ مِن مَثَلِهِ مِن شَيْءٍ عَمِلَهُ، وذِكْرُ العُنُقِ عِبارَةٌ عَنِ اللُّزُومِ (p-١٦)لَهُ، كَلُزُومِ القِلادَةِ العُنُقَ مِن بَيْنِ ما يُلْبَسُ، هَذا قَوْلُ الزَّجّاجِ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: الأصْلُ في تَسْمِيَتِهِمُ العَمَلَ طائِرًا، أنَّهم كانُوا يَتَطَيَّرُونَ مِن بَعْضِ الأعْمالِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ﴾ قَرَأ أبُو جَعْفَرٍ: ( ويُخْرَجُ ) بِياءٍ مَضْمُومَةٍ وفَتْحِ الرّاءِ. وقَرَأ يَعْقُوبُ وعَبْدُ الوارِثِ بِالياءِ مَفْتُوحَةً وضَمِّ الرّاءِ. وقَرَأ قَتادَةُ وأبُو المُتَوَكِّلِ: ( ويُخْرِجُ ) بِياءٍ مَرْفُوعَةٍ وكَسْرِ الرّاءِ. وقَرَأ أبُو الجَوْزاءِ والأعْرَجُ: ( وتَخَرُجُ ) بِتاءٍ مَفْتُوحَةٍ ورَفْعِ الرّاءِ. ﴿يَوْمَ القِيامَةِ كِتابًا﴾ وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةُ، والضَّحّاكُ: ( كِتابٌ ) بِالرَّفْعِ، " يَلْقاهُ " وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وأبُو جَعْفَرٍ: ( يُلَقّاهُ ) بِضَمِّ الياءِ وتَشْدِيدِ القافِ. وأمالَ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ القافَ. قالَ المُفَسِّرُونَ: هَذا كِتابُهُ الَّذِي فِيهِ ما عَمِلَ. وكانَ أبُو السَّوّارِ العَدَوِيُّ إذا قَرَأ هَذِهِ الآَيَةَ قالَ: نَشْرَتانِ وطَيَّةٌ، أمّا ما حَيِيتَ يا ابْنَ آَدَمَ، فَصَحِيفَتُكَ مَنشُورَةٌ، فَأمْلِ فِيها ما شِئْتَ، فَإذا مُتَّ طُوِيَتْ، ثُمَّ إذا بُعِثْتَ نُشِرْتَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اقْرَأْ كِتابَكَ﴾ وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ: ( اقْرَأْ ) بِتَخْفِيفِ الهَمْزَةِ، وفِيهِ إضْمارٌ، تَقْدِيرُهُ: فَيُقالُ لَهُ: اقْرَأْ كِتابَكَ. قالَ الحَسَنُ: يَقْرَؤُهُ أُمِّيًّا كانَ أوْ غَيْرَ أُمِّيٍّ، ولَقَدْ عَدَلَ عَلَيْكَ مَن جَعَلَكَ حَسِيبَ نَفْسِكَ.
وَفِي مَعْنى ﴿حَسِيبًا﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: مُحاسِبًا. والثّانِي: شاهِدًا. والثّالِثُ: كافِيًا، والمَعْنى: أنَّ الإنْسانَ يُفَوِّضُ إلَيْهِ حِسابَهُ، لِيَعْلَمَ عَدْلَ اللَّهِ بَيْنَ العِبادِ، ويَرى وُجُوبَ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِ واسْتِحْقاقَهُ العُقُوبَةَ، ويَعْلَمَ أنَّهُ إنْ دَخَلَ الجَنَّةَ فَبِفَضْلِ اللَّهِ لا بِعَمَلِهِ، وإنْ دَخَلَ النّارَ فَبِذَنْبِهِ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وإنَّما قالَ: " حَسِيبًا "، والنَّفْسُ مُؤَنَّثَةٌ؛ لِأنَّهُ يَعْنِي بِالنَّفْسِ: الشَّخْصُ، أوْ لِأنَّهُ لا عَلامَةَ لِلتَّأْنِيثِ في لَفْظِ النَّفْسِ، فَشُبِّهَتْ (p-١٧)بِالسَّماءِ والأرْضِ. قالَ تَعالى: ﴿السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [ المُزَّمِّلُ: ١٨ ]، قالَ الشّاعِرُ:
؎ [ فَلا مُزْنَةَ ودْقَتْ ودْقْها ] ولا أرْضَ أبَقَلَ إبْقالها
{"ayahs_start":13,"ayahs":["وَكُلَّ إِنسَـٰنٍ أَلۡزَمۡنَـٰهُ طَـٰۤىِٕرَهُۥ فِی عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ كِتَـٰبࣰا یَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا","ٱقۡرَأۡ كِتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡیَوۡمَ عَلَیۡكَ حَسِیبࣰا"],"ayah":"وَكُلَّ إِنسَـٰنٍ أَلۡزَمۡنَـٰهُ طَـٰۤىِٕرَهُۥ فِی عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ كِتَـٰبࣰا یَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق