الباحث القرآني

(p-٤٦٩)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واللَّهُ جَعَلَ لَكم مِن أنْفُسِكم أزْواجًا﴾ يَعْنِي النِّساءَ. وَفِي مَعْنى ﴿مِن أنْفُسِكُمْ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ خَلَقَ آدَمَ، ثُمَّ خَلَقَ زَوْجَتَهُ مِنهُ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّانِي: " مِن أنْفُسِكم "، أيْ: مِن جِنْسِكم مِن بَنِي آدَمَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَفِي الحَفَدَةِ خَمْسَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّهُمُ الأصْهارُ، أخْتانُ الرَّجُلِ عَلى بَناتِهِ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ في رِوايَةٍ، ومُجاهِدٌ في رِوايَةٍ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، والنَّخَعِيُّ، وأنْشَدُوا مِن ذَلِكَ: ؎ ولَوْ أنَّ نَفْسِي طاوَعَتْنِي لَأصْبَحَتْ لَها حَفَدٌ مِمّا يُعَدُّ كَثِيرُ ؎ ولَكِنَّها نَفْسٌ عَلَيَّ أبِيَّةٌ ∗∗∗ عَيُوفٌ لِأصْهارِ اللِّئامِ قَذُورُ والثّانِي: أنَّهُمُ الخَدَمُ، رَواهُ مُجاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ في رِوايَةِ الحَسَنِ، وطاوُوسُ، وعِكْرِمَةُ في رِوايَةِ الضَّحّاكِ، وهَذا القَوْلُ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّهُ يُرادُ بِالخَدَمِ: الأوْلادُ، فَيَكُونُ المَعْنى: أنَّ الأوْلادَ يَخْدِمُونَ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الحَفَدَةُ: الخَدَمُ والأعْوانُ، فالمَعْنى: هم بَنُونَ، وهم خَدَمٌ. وأصْلُ (p-٤٧٠)الحَفْدِ: مُدارَكَةُ الخَطْوِ والإسْراعُ في المَشْيِ، وإنَّما يَفْعَلُ الخَدَمُ هَذا، فَقِيلَ لَهم: حَفَدَةٌ. ومِنهُ يُقالُ في دُعاءِ الوِتْرِ: " وإلَيْك نَسْعى ونَحْفِدُ " . والثّانِي: أنْ يُرادَ بِالخَدَمِ: المَمالِيكُ، فَيَكُونُ مَعْنى الآيَةِ: وجَعَلَ لَكم مِن أزْواجِكم بَنِينَ، وجَعَلَ لَكم حَفَدَةً مِن غَيْرِ الأزْواجِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ. والثّالِثُ: أنَّهم بَنُو امْرَأةِ الرَّجُلِ مِن غَيْرِهِ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ الضَّحّاكُ. والرّابِعُ: [أنَّهُمْ] ولَدُ الوَلَدِ، رَواهُ مُجاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والخامِسُ: أنَّهم كِبارُ الأوْلادِ، والبَنُونَ: صِغارُهم، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ، ومُقاتِلٌ. قالَ مُقاتِلٌ: وكانُوا في الجاهِلِيَّةِ تَخْدِمُهم أوْلادُهم. قالَ الزَّجّاجُ: وحَقِيقَةُ هَذا الكَلامِ أنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَ مِنَ الأزْواجِ بَنَيْنَ، ومَن يُعاوِنُ عَلى ما يُحْتاجُ إلَيْهِ بِسُرْعَةٍ وطاعَةٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَرَزَقَكم مِنَ الطَّيِّباتِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ: مِن أنْواعِ الثِّمارِ والحُبُوبِ والحَيَوانِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَبِالباطِلِ يُؤْمِنُونَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّهُ الأصْنام، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهُ الشَّرِيكُ والصّاحِبَةُ والوَلَدُ، فالمَعْنى: يُصَدِّقُونَ أنَّ لِلَّهِ ذَلِكَ ؟! قالَهُ عَطاءٌ. والثّالِثُ: أنَّهُ الشَّيْطانُ، أمَرَهم بِتَحْرِيمِ البَحِيْرَةِ والسّائِبَةِ، فَصَدَّقُوا. وَفِي المُرادِ بِـ " نِعْمَةِ اللَّهِ " ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّها التَّوْحِيدُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: القُرْآنُ، والرَّسُولُ. والثّالِثُ: الحَلالُ الَّذِي أحَلَّهُ اللَّهُ لَهم. (p-٤٧١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهم رِزْقًا﴾ وفي المُشارِ إلَيْهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها الأصْنامُ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّانِي: المَلائِكَةُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِنَ السَّماواتِ﴾ يَعْنِي: المَطَرَ، و " مِنَ الأرْضِ " النَّباتَ، والثَّمَرَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿شَيْئًا﴾ قالَ الأخْفَش: جُعِلَ " شَيْئًا " بَدَلًا مِنَ الرِّزْقِ، والمَعْنى: لا يَمْلِكُونَ رِزْقًا قَلِيلًا ولا كَثِيرًا، ﴿وَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ أيْ: لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ. قالَ الفَرّاءُ: وإنَّما قالَ في أوَّلِ الكَلامِ: " يَمْلِكُ " وفي آخِرِهِ: " يَسْتَطِيعُونَ "، لِأنَّ " ما " في مَذْهَبٍ: جَمْعٌ لِآلِهَتِهِمْ، فَوَحَّدَ " يَمْلِكُ " عَلى لَفْظِ " ما " وتَوْحِيدِها، وجَمَعَ في " يَسْتَطِيعُونَ " عَلى المَعْنى، كَقَوْلِهِ: ﴿وَمِنهم مَن يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ﴾ [يُونُسَ:٤٢] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثالَ﴾ أيْ: لا تُشَبِّهُوهُ بِخَلْقِهِ، لِأنَّهُ لا يُشْبِهُ شَيْئًا، ولا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ، فالمَعْنى: لا تَجْعَلُوا لَهُ شَرِيكًا. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ أرْبَعَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: يَعْلَمُ ضَرْبَ المَثَلِ، وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. والثّانِي: يَعْلَمُ أنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ، وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ أنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّالِثُ: يَعْلَمُ خَطَأ ما تَضْرِبُونَ مِنَ الأمْثالِ، وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ صَوابَ ذَلِكَ مِن خَطَئِهِ. والرّابِعُ: يَعْلَمُ ما كانَ ويَكُونُ، وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قَدْرَ عَظَمَتِهِ حِينَ أشْرَكْتُمْ بِهِ، ونَسَبْتُمُوهُ إلى العَجْزِ عَنْ بَعْثِ خَلْقِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب