الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والأنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ﴾ الأنْعامُ: الإبِلُ، والبَقَرُ، والغَنَمُ، قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَكم فِيها دِفْءٌ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ ما اسْتُدْفِئَ بِهِ مِن أوْبارِها تُتَّخَذُ ثِيابًا، وأخْبِيَةً، وغَيْرَ ذَلِكَ. رَوى العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: يَعْنِي بِالدِّفْءِ: اللِّباسَ، وإلى هَذا المَعْنى ذَهَبَ الأكْثَرُونَ. والثّانِي: أنَّهُ نَسْلُها. رَوى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: " فِيها دِفْءٌ " قالَ الدِّفْءُ: (p-٤٣٠)نَسْلُ كُلِّ دابَّةٍ، وذَكَرَ ابْنُ السّائِبِ قالَ: يُقالُ: الدِّفْءُ أوْلادُها، ومَن لا يَحْمِلُ مِنَ الصِّغارِ، وحَكى ابْنُ فارِسٍ اللُّغَوِيُّ عَنِ الأُمَوِيِّ، قالَ: الدِّفْءُ عِنْدَ العَرَبِ: نِتاجُ الإبِلِ وألْبانُها. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَنافِعُ﴾ أيْ: سِوى الدِّفْءِ مِنَ الجُلُودِ، والألْبانِ، والنَّسْلِ، والرُّكُوبِ، والعَمَلِ عَلَيْها، إلى غَيْرِ ذَلِكَ، ﴿وَمِنها تَأْكُلُونَ﴾ يَعْنِي: مِن لُحُومِ الأنْعامِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَكم فِيها جَمالٌ﴾ أيْ: زِينَةٌ، ﴿حِينَ تُرِيحُونَ﴾ أيْ: [حِينَ] تَرُدُّونَها إلى مَراحِها، وهو المَكانُ الَّذِي تَأْوِي إلَيْهِ، فَتَرْجِعُ عِظامَ الضُّرُوعِ والأسْنِمَةِ، فَيُقالُ: هَذا مالُ فُلانٍ، ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ تُرْسِلُونَها بِالغَداةِ إلى مَراعِيها. فَإنْ قِيلَ: لِمَ قَدَّمَ الرَّواحَ وهو مُؤَخَّرٌ ؟ فالجَوابُ: أنَّها في حال الرَّواحِ تَكُونُ أجْمَلَ؛ لِأنَّها قَدْ رَعَتْ، وامْتَلَأتْ ضُرُوعُها، وامْتَدَّتْ أسْنِمَتُها. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَتَحْمِلُ أثْقالَكُمْ﴾ الإشارَةُ بِهَذا إلى ما يُطِيقُ الحِمْلَ مِنها، والأثْقالُ: جَمْعُ ثِقْلٍ، وهو مَتاعُ المُسافِرِ. وَفِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إلى بَلَدٍ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ عامٌّ في كُلِّ بَلَدٍ يَقْصِدُهُ المُسافِرُ، وهو قَوْلُ الأكْثَرِينَ. والثّانِي: أنَّ المُرادَ بِهِ: مَكَّةُ، قالَهُ عِكْرِمَةُ، والأوَّلُ أصَحُّ، والمَعْنى: أنَّها تَحْمِلُكم إلى كُلِّ بَلَدٍ لَوْ تَكَلَّفْتُمْ أنْتُمْ بُلُوغَهُ لَمْ تَبْلُغُوهُ إلّا بِشِقِّ الأنْفُسِ. وَفِي مَعْنى " شِقِّ الأنْفُسِ " قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ المَشَقَّةُ، قالَهُ الأكْثَرُونَ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُقالُ: نَحْنُ بِشِقٍّ مِنَ (p-٤٣١)العَيْشِ، أيْ: بِجَهْدٍ؛ وفي حَدِيثِ أمِّ زَرْعٍ: " «وَجَدَنِي في أهْلِ غَنِيمَةٍ بِشِقٍّ» " . والثّانِي: أنَّ الشِّقَّ: النِّصْفُ، فَكانَ الجَهْدُ يُنْقِصُ مِن قُوَّةِ الرَّجُلِ ونَفْسِهِ كَأنَّهُ قَدْ ذَهَبَ نِصْفُهُ، ذَكَرَهُ الفَرّاءُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ رَبَّكم لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أيْ: حِينَ مَنَّ عَلَيْكم بِالنِّعَمِ الَّتِي فِيها هَذِهِ المَرافِقُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب