الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَأمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: أرادَ مُشْرِكِي مَكَّةَ. ومَكْرُهُمُ السَّيِّئاتِ: شِرْكُهم وتَكْذِيبُهم، وسُمِّيَ ذَلِكَ مَكْرًا، لِأنَّ المَكْرَ في اللُّغَةِ: السَّعْيُ بِالفَسادِ، وهَذا اسْتِفْهامُ إنْكارٍ، ومَعْناهُ: يَنْبَغِي أنْ لا يَأْمَنُوا العُقُوبَةَ، وكانَ مُجاهِدٌ يَقُولُ: عَنى بِهَذا الكَلامِ نَمْرُودَ بْنَ كَنْعانَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ يَأْخُذَهم في تَقَلُّبِهِمْ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: في أسْفارِهِمْ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ قَتادَةُ. (p-٤٥١)والثّانِي: في مَنامِهِمْ، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: في لَيْلِهِمْ ونَهارِهِمْ، قالَهُ الضَّحّاكُ، وابْنُ جُرَيْجٍ، ومُقاتِلٌ. والرّابِعُ: أنَّهُ جَمِيعُ ما يَتَقَلَّبُونَ فِيهِ، قالَهُ الزَّجّاجُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ يَأْخُذَهم عَلى تَخَوُّفٍ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: عَلى تَنَقُّصٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ، والضَّحّاكُ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: التَّخَوُّفُ: التَّنَقُّصُ، ومِثْلُهُ التَّخَوُّنُ. يُقالُ: تَخَوَّفَتْهُ الدُّهُورُ وتَخَوَّنَتْهُ: إذا نَقَصَتْهُ وأخَذَتْ مِن مالِهِ وجِسْمِهِ. وقالَ الهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: التَّخَوُّفُ: التَّنَقُّصُ، بِلُغَةِ أزْدِ شَنُوءَةٍ. ثُمَّ في هَذا التَّنَقُّصِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّهُ تَنَقُّصٌ مِن أعْمالِهِمْ، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أخْذُ واحِدٍ بَعْدَ واحِدٍ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا. والثّالِثُ: تَنَقُّصُ أمْوالِهِمْ وثِمارِهِمْ حَتّى يُهْلِكَهم، قالَهُ الزَّجّاجُ. والثّانِي: أنَّهُ التَّخَوُّفُ نَفْسُهُ، ثُمَّ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: يَأْخُذُهم عَلى خَوْفٍ أنْ يُعاقِبَ أوْ يَتَجاوَزَ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّانِي: أنَّهُ يَأْخُذُ قَرْيَةً لِتَخافَ القَرْيَةُ الأُخْرى، قالَهُ الضَّحّاكُ. وقالَ الزَّجّاجُ: يَأْخُذُهم بَعْدَ أنْ يُخِيفَهم بِأنْ يُهْلِكَ قَرْيَةً فَتَخافَ الَّتِي تَلِيها، فَعَلى هَذا، خَوَّفَهم قَبْلَ هَلاكِهِمْ، فَلَمْ يَتُوبُوا، فاسْتَحَقُّوا العَذابَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنَّ رَبَّكم لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ إذْ لَمْ يُعَجِّلْ بِالعُقُوبَةِ، وأمْهَلَ لِلتَّوْبَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب