الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما ذَرَأ لَكُمْ﴾ أيْ: وسَخَّرَ ما ذَرَأ لَكم. وذَرَأ بِمَعْنى: خَلَقَ. و " سَخَّرَ البَحْرَ " أيْ: ذَلَّـلَهُ لِلرُّكُوبِ والغَوْصِ فِيهِ " لِتَأْكُلُوا مِنهُ لَحْمًا طَرِيًّا " يَعْنِي: السَّمَكَ ﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها﴾ يَعْنِي: الدُّرَّ، واللُّؤْلُؤَ، والمَرْجانَ، (p-٤٣٥)وَفِي هَذا دَلالَةٌ عَلى أنَّ حالِفًا لَوْ حَلَفَ: لا يَلْبَسُ حُلِيًّا، فَلَبِسَ لُؤْلُؤًا، أنَّهُ يَحْنَثُ، وقالَ أبُو حَنِيفَةَ: لا يَحْنَثُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَتَرى الفُلْكَ﴾ يَعْنِي: السُّفُنَ. وفي مَعْنى " مَواخِرَ " قَوْلانِ: أحَدُهُما: جِوارِي، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. قالَ اللُّغَوِيُّونَ: يُقالُ: مَخَرَتِ السَّفِينَةُ مَخْرًا: إذا شَقَّتِ الماءَ في جَرَيانِها. والثّانِي: المَواقِرُ، يَعْنِي المَمْلُوءَةَ، قالَهُ الحَسَنُ. وَفِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: بِالرُّكُوبِ فِيهِ لِلتِّجارَةِ ابْتِغاءَ الرِّبْحِ مِن فَضْلِ اللَّهِ. والثّانِي: بِما تَسْتَخْرِجُونَ مِن حِلْيَتِهِ، وتَصِيدُونَ مِن حِيتانِهِ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وفي دُخُولِ الواوِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّها مَعْطُوفَةٌ عَلى لامٍ مَحْذُوفَةٍ، تَقْدِيرُهُ: وتَرى الفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ لِتَنْتَفِعُوا بِذَلِكَ ولِتَبْتَغُوا. والثّانِي: أنَّها دَخَلَتْ لِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، تَقْدِيرُهُ: وفَعَلَ ذَلِكَ لِكَيْ تَبْتَغُوا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَألْقى في الأرْضِ رَواسِيَ﴾ أيْ: نَصَبَ فِيها جِبالًا ثَوابِتَ " أنْ تَمِيدَ " أيْ: لِئَلّا تَمِيدَ، وقالَ الزَّجّاجُ: كَراهَةَ أنْ تَمِيدَ، يُقالُ: مادَ الرَّجُلُ يَمِيدُ مَيْدًا: إذا أُدِيرَ بِهِ، وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: المَيْدُ: الحَرَكَةُ والمَيْلُ، يُقالُ: فُلانٌ يَمِيدُ في مِشْيَتِهِ، أيْ: يَتَكَفَّأُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنْهارًا﴾ قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: وجَعَلَ فِيها سُبُلًا، لِأنَّ مَعْنى " ألْقى ": " جَعَلَ " فَأمّا السُّبُلُ، فَهي الطُّرُقُ. ﴿وَلَعَلَّكم تَهْتَدُونَ﴾ أيْ: لِكَيْ تَهْتَدُوا إلى مَقاصِدِكم. (p-٤٣٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعَلاماتٍ﴾ فِيها ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّها مَعالِمُ الطُّرُقِ بِالنَّهارِ، وبِالنَّجْمِ هم يَهْتَدُونَ بِاللَّيْلِ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّها النُّجُومُ أيْضًا، مِنها ما يَكُونُ عَلامَةً لا يُهْتَدى بِهِ، ومِنها ما يُهْتَدى بِهِ، قالَهُ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، والنَّخَعِيُّ. والثّالِثُ: الجِبالُ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ، ومُقاتِلٌ. وَفِي المُرادِ بِالنَّجْمِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّهُ الثُّرَيّا، والفَرْقَدانِ، وبَناتُ نَعْشٍ، والجَدْيُ، قالَهُ السُّدِّيُّ. والثّانِي: أنَّهُ الجَدْيُ، والفَرْقَدانِ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. والثّالِثُ: أنَّهُ الجَدْيُ وحْدَهُ، لِأنَّهُ أثْبَتُ النُّجُومِ كُلِّها في مَرْكَزِهِ، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ. والرّابِعُ: أنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ، والمُرادُ جَمِيعُ النُّجُومِ، قالَهُ الزَّجّاجُ. وقَرَأ الحَسَنُ، والضَّحّاكُ، وأبُو المُتَوَكِّلِ، ويَحْيى بْنُ وثّابٍ: ﴿وَبِالنَّجْمِ﴾ بِضَمِّ النُّونِ وإسْكانِ الجِيمِ، وقَرَأ الجَحْدَرِيُّ: " وبِالنُّجُمِ " بِضَمِّ النُّونِ والجِيمِ، وقَرَأ مُجاهِدٌ: " وبِالنُّجُومِ " بِواوٍ عَلى الجَمْعِ. وَفِي المُرادِ بِهَذا الِاهْتِداءِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: الِاهْتِداءُ إلى القِبْلَةِ. والثّانِي: إلى الطَّرِيقِ في السَّفَرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب